الأخبار
عدو صامت رابض على الأراضي اليمنية يتربص بالمدنيين مع كل خطوة تخطوها أقدامهم فالميليشيات الحوثية لم تبق على مكان واحد بمأمن عن الألغام حتى باتت الطرق تردد صدى أنين ضحايا الألغام التي زرعتها هذه الفئة الضالة لحصد أرواح اليمنيين الذين يعيشون أزمة إنسانية طاحنة.
فالألغام الحوثية تعتبر من أبرز العوامل التي تعيق استثمار الأراضي الزراعية واستصلاحها وتمنع وصول المدنيين إلى مصادر المياه علاوة على منعها لوصول المساعدات اللازمة لليمنيين وهو ما أكدته بريانكا موتابارثي، القائمة بأعمال مديرة برنامج الطوارئ في هيومان رايتس ووتش حيث قالت إن الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون لم تقتل وتشوه العديد من المدنيين فحسب بل منعت اليمنيين المستضعفين من حصاد محاصيلهم وجلب المياه النظيفة التي هم في أمس الحاجة إليها للبقاء على قيد الحياة، ومنعت أيضا منظمات الإغاثة من جلب الغذاء والرعاية الصحية لليمنيين الذين يعانون من الجوع والمرض بشكل متزايد”.
فقد قتلت الألغام الأرضية المطمورة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق 140 مدنيا على الأقل من بينهم 19 طفلا في محافظتي الحديدة وتعز منذ 2018 ووقفت حائلا أمام السكان للعودة إلى ديارهم وذلك وفقا لموقع “مشروع رصد الأثر المدني”. وهو ما يؤكد التصميم الحوثي على عدم احترام أي اتفاقيات دولية أو إنسانية لوقف نزيف الأبرياء.
فالقانون اليمني واتفاقية حظر الألغام لعام 1997 يحجران استخدام الألغام المضادة للأفراد لكن رغم ذلك مازالت قوات الحوثي تزرع الألغام على نطاق واسع منها ما هو على طول الساحل الغربي لليمن.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد عثرت على أدلة تثبت تورط القوات الحوثية في زراعة ألغام مضادة للمركبات معدلة كي تنفجر من وزن شخص في المناطق المدنية واستخدام أجهزة متفجرة يدوية الصنع مموهة على شكل صخور أو أجزاء من جذوع الأشجار كما استعملوا ألغام مضادة للأفراد في حيران قرب الحدود السعودية وألغاما بحرية عرضت سفن الصيد وسفن المساعدات للمخاطر.
فالألغام المزروعة في الساحل الغربي مثلا جعلت الوصول إلى 3 منشآت للمياه على الأقل غير ممكن ووقفت حائلا أمام المنظمات الإنسانية للوصول إلى المجتمعات المحلية المحتاجة التي شملت القرى والبلدات في مديريتي التحيتا وموزع إضافة إلى مدينة الحديدة الساحلية.
وكانت ثلاث منظمات إغاثة قد أعربت عن استيائها من إعاقة الألغام لعملهم بسبب انتشارها على طول الطريق فلا يمكن بلوغ المناطق إلا عبر الطرق الترابية التي تكون أكثر خطورة من الطرق الإسفلتية.
علاوة على وقوف آلة الموت هذه حجرة عثرة في وجه الأهالي لإطعام أنفسهم والحفاظ على دخلهم بحرمانهم من الوصول إلى مزارعهم وحصاد محاصيلهم وقتل مواشيهم.
إن استخدام الحوثي لهذه الكميات الهائلة من الألغام مثلت عقبة أمام الناس للوصول إلى مصادر المياه والغذاء، وأسهمت في أزمة إنسانية في كامل أنحاء البلاد، وفي هذا الصدد قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي إن اليمن يشهد أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم وإحدى أسوء حالات تفشي داء الكوليرا في التاريخ الحديث.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن بسبب التعنت الحوثي طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحوثيين بضرورة الكف فورا عن استعمال الأسلحة التي أحرقت الأخضر واليابس في هذا البلد المنكوب.
إن استخدام الحوثيين للألغام الأرضية في 6 محافظات على الأقل أسفر عن سقوط مئات الضحايا وقد سجل في مديريتي الدريهمي والتحيتا التابعتين لمحافظة الحديدة أكبر عدد من الوفيات في 2018.
لقد ضاعفت الألغام من معاناة اليمنيين وجعلتهم كاللعبة تعبث بهم كيفما أرادت وعمقت جراحهم وتسللت إلى مستقبلهم بدهاء، فهي المتسبب الأول فيما آلت له الأوضاع هناك من جوع وفقر ومرض وتقتيل.. فتبعاتها لن تقف على الحاضر فقط بل ستلاحقهم إلى سنوات قادمة، لذا وجب تكاتف الجهود لانتشال اليمن من واقع قاتم وتجنيبه لمستقبل مجهول قد يعصف به.