الأخبار
الألغام مشكلة يمنية مزمنة جددها الحوثيون لكن هذه المرة بأكثر كثافة. إذ لم تترك الميليشيات الإنقلابية محافظة إلا ووزعت فيها قاتلها المستتر، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين قتلى ومصابين.
أساليب وطرق زرع الميليشيات للألغام والعبوات الناسفة حملت قدرا من التنوع يؤشر على ما تحمله هذه الجماعة من تقلبات وغدر، حيث تتم عملية التفخيخ بطرق غير متعارف عليها منها زرع لغم مدرع وتحته لغم آخر حتى ينفجر بمجرد نزع الأول. كما عملت الميليشيات على زراعة لغم مدرع وبمحيطه شبكة ألغام فردية مع وضع دواسات بمحيط اللغم.
لقد تجاوزت قضية الألغام الأعراف والمواثيق الدولية نتيجة زراعتها بأنواع مختلفة وبكثافة لم يسبق لها مثيل في أي منطقة شهدت حروبا.
فقد سبق للمدير العام لمشروع مسام السيد أسامة القصيبي أن أشار إلى أن هذه الجماعة قامت بتحويل الألغام المضادة للآليات التي تحتاج 100 كيلوغرام وما فوق لتنفجر إلى ألغام مضادة للأفراد تنفجر بمجرد مرور طفل يبلغ وزنه 10 كيلوغرامات فقط.. هذا يؤكد أن هذه الجماعة تهدف إلى قتل الشعب اليمني بصفة متعمدة وهو ما يعتبر جريمة حرب.
إن الألغام والذخائر المنتشرة في مختلف مناطق اليمن حصدت الأرواح وشوهت مئات المدنيين أغلبهم من الأطفال. فالطرقات العامة والأحياء السكنية والمدارس ملغمة بشكل كثيف مما يجعلها أكثر خطورة على الأطفال الذين يخرجون للعب أو للعمل أو للرعي في المناطق الريفية.
وقد اتهمت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية ابتهاج الكمال في بيان لها ميليشيات الحوثي بالسعي إلى تعطيل العملية التعليمية والاستفادة من الأطفال في التجنيد والزج بهم في جبهات القتال، علاوة على تغيير المناهج التعليمية التي غدت تؤسس للطائفية و الكراهية و تهدد النسيج الاجتماعي.
وأشارت الوزيرة أن مليوني طفل من إجمالي 3 ملايين ولدوا منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية، يعانون من مشاكل صحية. وقد توفي معظمهم جراء ضعف الرعاية الصحية وعدم تلقيهم اللقاحات والدعم الصحي اللازم في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات.
وذكرت الوزيرة أن 800 طفل قتل وأصيب في إنفجار الألغام التي تواصل أيادي الشر زراعتها بشكل عشوائي في الأحياء السكنية والطرقات والمزارع، فيما ذكرت إحصائيات حقوقية أن ميليشيات الحوثي جندت أكثر من 23 ألف طفل، وهي مازالت ماضية في ذلك. كما اختطفت 700 طفل على امتداد المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ورصدت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بالتعاون مع 13 منظمة دولية أكثر من 65 ألف واقعة انتهاك حوثية بحق الطفولة في اليمن في 17 محافظة يمنية، وذلك منذ 1 يناير 2015 وحتى 30 أغسطس 2019، وبين التقرير أن الميليشيات قتلت خلال الفترة نفسها 3 آلاف و888 طفلا بشكل مباشر وأصابت 5 آلاف و357 طفلا، كما تسببت في إعاقة 164 طفلا إعاقة دائمة جراء المقذوفات العشوائية على الأحياء السكنية. تلك الأرقام ماهي إلا تأكيد على استهانة العصابات الحوثية بأرواح اليمنيين واستخفافهم بكل القوانين والأعراف الدولية.
ويجدر ذكره أن الحوثيين عرفوا باهتمامهم الكبير بحيازة وصناعة الألغام بمختلف أنواعها، حيث أنشأت الحركة مصنعا للألغام في مدينة صعدة معقل الحوثيين والذي تم استهدافه من قبل مقاتلات التحالف العربي في مايو الماضي.
تعتبر الألغام مشكلة مزمنة منذ ثورة عام 1962 ضد الحكم الملكي، فقد توالت عمليات زرع الألغام في معظم الصراعات التي شهدها اليمن، لكن حقبة الحوثيين كانت أشدها حدة باعتبار أن هذه الحركة اعتمدت الألغام كأهم سلاح لمواجهة خصومها وللانتقام من اليمنيين الكارهين لوجودها. الحوثيون دفعوا باليمن إلى الهاوية حيث سيظل الشعب اليمني يعاني بسبب الألغام التي دمرت حياته الآن ومازالت ستعبث بحياته في المستقبل.