الأخبار
“من شأن الظروف المعيشية لأطفال اليمن أن تجلب العار إلى البشرية. لا يوجد عذر لمثل هذا الوضع السوداوي في القرن الـ21.. الحروب والأزمات الاقتصادية لا تستثني أي فتاة أو فتى في اليمن”.. هذا ما صرح به خيرت كابالاري المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل عام. نعم عام مر والوضع يزداد سوء يوما بعد يوم، والأطفال يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة.
إن حصيلة السنوات الماضية من الحرب الحوثية العبثية مرعبة على جميع المستويات وخاصة بالنسبة للأطفال، فالعديد منهم تجندوا للقتال في حرب الكبار وآخرون قتلوا وأصيبوا إصابات بليغة وصلت إلى الإعاقة المستديمة، علاوة على إجبارهم على النزوح وهيامهم على وجوههم في الأرض.
اليوم في اليمن، هناك الآلاف من الأطفال يخلدون إلى النوم وهم جياع. وفي كل يوم يواجه الأطفال خطر سوء التغذية الحاد مما يعرضهم للموت في أي لحظة، إضافة إلى حرمان الآلاف منهم من ارتياد المدرسة، ومن يلتحق بمقاعد الدراسة فإنه يتلقى إما تعليما هجينا حددته الجماعة الانقلابية أو تعليما ذا جودة متدنية داخل فصول مكتظة.
من خلال ما سبق، يتجلى بوضوح وخامة وعمق الجراح النفسية والجسدية للأطفال في اليمن. فوراء الأرقام التي تستعرضها مختلف المنظمات والجمعيات والجهات هناك أناس لهم أسماء ووجوه وعائلات وأصدقاء وقصص، لهم أحلام تحطمت وحياة تقطعت أوصالها وآمال عصفت بها الميليشيات الحوثية.
لقد وزعت هذه الأخيرة مئات الآلاف من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة في الأحياء السكنية والطرق العامة.. وفي مختلف المناطق اليمنية التي اجتاحتها حتى باتت تشكل عائقا أمام المواطنين للعودة إلى ديارهم في الأماكن المحررة وكذلك في تنقلاتهم وممارسة نشاطاتهم.
فمؤخرا قتل شخصان أحدهما طفل لم يتجاوز الـ14 من عمره وأصيب أربعة آخرون بانفجار لغم أرضي أثناء مرورهم بمنطقة الفليح الجريبات بمديرية نعمان آل عواض في محافظة البيضاء التي تحتوي على كميات هامة من الألغام المطمورة بفعل الأيادي الحوثية. فيما أكد تقرير صادر عن المرصد اليمني للألغام أن عدد ضحايا الألغام في محافظة تعز قد بلغ 484 قتيلا توزعوا كالتالي: 162 طفلا و117 امرأة و205 رجلا وذلك منذ 2015 إلى الآن، مضيفا أن 1245 مواطنا تعرض لإصابات وتشوهات وإعاقات منهم 287 طفلا و193 امرأة.
وتعتبر محافظة تعز أكثر منطقة يمنية ملوثة بالألغام إذ تعاني 18 مديرية من أصل 23 مديرية من هذه الآفة. وكانت الميليشيات الحوثية قد استخدمت تقنيات حديثة في زراعتها.
لكن رغم تصاعد وتيرة الصراع ووحشية هؤلاء المتمردين ومواصلتهم زرع الألغام بكميات كبيرة، فإن مشروع مسام مازال مصرا على فك كرب اليمنيين وتطهير أرضهم من النجاسة الحوثية. وقد تمكنت الفرق الهندسية التابعة للمشروع من إزالة 741 لغم مضاد للدبابات و18 لغم مضاد للأفراد و901 ذخيرة غير منفجرة و8 عبوات ناسفة ليكون مجموع ما وقع نزعه خلال الأسبوع الأول من شهر يناير 1668 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وليرتفع إجمالي ما تمت إزالته منذ انطلاق المشروع وإلى 2 يناير 121813.
تمر الأيام والسنوات والمليشيات الحوثية ماتزال ماضية في نهجها التخريبي مستعملة أكثر الأسلحة فتكا على مر السنين ألا وهي الألغام التي تبقى آثارها ظاهرة من خلال ما تلحقه بالأهالي من تشوهات أو عن طريق ملاحقتها للأرواح نظرا لبقائها متخفية في جوف الأرض.