الأخبار
لقد بني المشروع الحوثي الهجين على أنقاض تعثر المشروع السياسي ورغبة النظام القديم في العودة إلى الواجهة، عودة التحالفات والميليشيات أما تجربة سياسية وليدة سرعان ما تحطمت بعد اقتحام صنعاء.
الحرب العبثية الحوثية أدخلت اليمن في دوامة لا تلوح لها نهاية في الأفق القريب فقد أتت على الأخضر واليابس ولم توفر لا البشر ولا الحجر.
وأفاد تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأن حرب اليمن تسببت في تراجع التنمية البشرية في البلاد بمقدار 20 عاما ومقتل ربع مليون شخص بسبب العنف وغياب الرعاية الصحية وشح الغذاء.
وتوقع التقرير أنه إذا انتهى الصراع عام 2019 فسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 88.8 مليار دولار، وإذا انتهى عام 2022 فسيكون معدل التراجع في مكاسب التنمية قرابة 26 عاما.
وخلص التقرير الأممي إلى أنه على المدى البعيد ستكون لهذا الصراع آثار سلبية واسعة النطاق تجعله من أكثر النزاعات تدميرا منذ نهاية الحرب الباردة.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن النزاع في اليمن تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم إذ أن أكثر من 24 مليون شخص مازالوا يحتاجون إلى مساعدة إنسانية أي أكثر من 80% من سكان البلاد.
لقد ابتلي اليمن بهذه الفئة الضالة التي حولت الحياة إلى جحيم يكابده اليمنيون يوميا خلال رحلة بحثهم عن القوت، جحيم نسف أحلامهم وآمالهم، حاضرهم ومستقبلهم.
ولطالما مثلت الألغام وسيلتهم المحببة لتحقيق هذا الهدف على أكمل وجه.ربما لا يكونون أول طرف محارب يستخدم الألغام الأرضية في اليمن لكنهم يعمدون إلى زرعها بمعدل مرتفع للغاية.
الهوس الحوثي بزراعة الألغام بات بلا رقيب، مما جعلهم يتمادون في القيام بذلك، فلم تسلم منها لا الآبار ولا الجامعات ولا المدارس ولا الطرقات ولا المنازل، ولم تكتف هذه الجماعة الإرهابية بتغطية البر والمناطق السكنية بل تمادت وأغرقت البحر وكذلك مناطق عبور السفن التجارية الدولية بسلاح كراهيتها.
لقد تسببت الألغام في حرمان الناس من مصادر المياه والغذاء وقتلت مواشيهم من أغنام وماعز وأبقار وأسهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية في معظم أنحاء البلاد التي باتت تعرف بأنها تشهد أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم إذ تشير إحصائيات إلى أن 25% من الأراضي الزراعية ملغومة.
كما تصدرت اليمن قائمة الدول الأكثر حوادث لانفجار الألغام على مستوى العالم خلال عام 2018 فقط، وذلك حسب تقرير مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية.
ورغم ما ألحقته هذه الميليشيات من خسائر مادية وبشرية عدا عن الضرر النفسي، فإنها مازالت ماضية في نهجها الدموي فقد استهدفت ميليشيا الألغام ميناء ميدي بمحافظة حجة بزورق مفخخ أدى إلى إصابة مراسل تلفزيوني وجنود من القوات الحكومية بشظايا، وكان الزورق قد انفجر لحظة وصوله مما جعل وحدات الجيش المنتشرة هناك غير قادرة على التعامل معه نظرا لقربه من الميناء.
وفي مكان آخر من التراب اليمني قتل شخصان، وأصيب آخر بانفجار قنبلة في إحدى سيارات النقل بمديرية جبل حبشي غربي محافظة تعز والتي كانت تقل عددا من المدنيين.
إن ثقافة الموت التي تنتهجها الميليشيات الحوثية والمغنية بدماء الأبرياء تحقيقا لمشروعها الطائفي اكتسبت قوتها من الصمت الدولي الأمر الذي جعلها تزرع الألغام في كل موطئ قدم.
عودة الحياة إلى سابق عهدها في اليمن بعد انتهاء الحرب يعد أمرا مستحيلا إلا في حالة تفكيك وإزالة الألغام التي وزعها الانقلابيون. وما يزيد الأمر صعوبة هو زراعة هذه الآفة عشوائيا ودون خرائط يستدل بها على مكانها مما يجعلها تشكل تهديدا على حياة المدنيين.