الأخبار
العديد من العائلات تظن أن مأساتها انتهت بمجرد عودتهم إلى منازلهم التي هجروا منها قسرا لكن المفاجأة الكبرى كانت في انتظارهم. الألغام منتشرة في كل مكان تتحين الفرصة للانقضاض على فريستها.
الآلاف من الألغام خلفها المقاتلون الحوثيون وراءهم عقب انسحابهم من عدة مناطق، تركوها لتكون خصما للقوات اليمنية وللمدنيين على حد السواء.
فزراعة الألغام الأرضية في المناطق السكنية تعد جريمة قتل غادرة كونها تتخذ نمط الكمائن الخفية التي يصعب على المدنيين تمييزها وتجنب الوقوع في شركها.
إذ تسببت الألغام في أضرار جسيمة للمدنيين نظرا للمواقع التي طمرت فيها، فالحوثيون اختاروا الأماكن التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر كالأحياء السكنية والطرق العامة والشوارع الرئيسية والمزارع وأماكن العمل التي يسلكها المدنيون يوميا لإيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى، إضافة إلى تشويه وإلحاق إعاقات دائمة بمئات اليمنيين وخاصة الأطفال.
وكانت المفاوضات التي نظمت على مدار الفترة الماضية تمثل فرصا شديدة الأهمية لليمنيين، فقد اعتبرت فرصة حياة لمن فتكت بهم الألغام والأمراض والجوع، غير أن جماعة الحوثي كانت في كل مرة تتجاهل ما تسفر عنه هذه الجلسات، ضاربين بجميع الاتفاقيات عرض الحائط.
وهنا للسائل أن يسأل “لما يجلسون على طاولة المفاوضات ما داموا لن يلتزموا بما تفضي إليه؟. الإجابة بسيطة، وهي أنهم كانوا يسعون إلى كسب الوقت لبسط سيطرتهم والوصول إلى سدة الحكم، وبالتالي وضع الجميع أمام الأمر الواقع.
واستمدت هذه الميليشيات تعنتها وقوتها من الصمت الدولي إزاء ما ترتكبه من قتل وتدمير وترويع بشكل سافر ومتعمد، مما جعلها تمضي في ارتكاب تلك الجرائم بشكل يومي مستغلة المواقف الضبابية للأمم المتحدة ولمبعوثها إلى اليمن.
وقد استنكرت 147 منظمة مجتمع مدني هذا الصمت الدولي والإقليمي على جرائم الحوثيين بحق المدنيين، وذلك خلال أضخم تحرك لمنظمات المجتمع المدني منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية، حيث نظمت يوم الجمعة فعاليات حملة أسبوع “الصمت والجرائم”.
ودان بيان هذه الفعالية الانتهاكات المروعة التي يرتكبها المتمردون بحق اليمنيين، مؤكدا على أن هذه الأفعال المشينة تثبت تعمد الميليشيات الحوثية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتعمدها أيضا استهداف المدنيين وخاصة الأطفال.
وأشار البيان في هذا الصدد إلى المجزرتين الدمويتين اللتين ارتكبتهما الميليشيات الحوثية هذا الأسبوع وأسفرتا عن مقتل 7 أطفال و مدني. كما ذكر البيان مجزرة آل ثابت الدموية التي قتل خلالها الانقلابيون 14 مدنيا، وجرحوا 25 آخرين أغلبهم من الأطفال.
هذا وسرد البيان عديد الجرائم الأخرى للحوثيين معتبرا عمليتي تفجير معسكر الجلاء، ومركزا تابعا للشرطة بعدن إرهابا كامل الأركان حيث استهدفت الميليشيا الحوثية مركز شرطة واقع في حي عمر المختار بمديرية الشيخ عثمان بسيارة مفخخة، مما أسفر عن سقوط 18قتيلا بينهم 6 مدنيين وامرأتين وطفلين.
حدث هذا بالتزامن مع تفجير إرهابي لمعسكر الجلاء، والذي راح ضحيته 18 شخصا، فيما أصيب 28 آخرون.
وحملت منظمات المجتمع المدني الموقعة على البيان الأمم المتحدة مسؤولية ما آل إليه الوضع في اليمن الناجم عن صمتها على جرائم الحوثيين، الأمر الذي أدى إلى تمادي الميليشيات في أعمالها الوحشية حتى صارت تحدث بشكل يومي وهو ما يؤكد أنها لا تسعى للسلام وأنها مستمرة في دمويتها وخرقها للمواثيق والقرارات الأممية.
إن الحياة في اليمن الآن تتلخص في الموت والدمار والجوع والمرض، لذا لابد أن يأتي المستقبل بما يفرج كروب اليمنيين الذين يعانون الويلات نتيجة هذا الانقلاب الذي أجهز تقريبا على كل مقومات الحياة هناك.