الأخبار

أطفال اليمن ملف مفتوح للأحزان والمعاناة، طفولة ضائعة بين الحرب، الجوع، النزوح، والألغام. جيل صاعد رأى أهوالا لم يعرفها أجداده، فسجل الأطفال في اليمن يحمل تركة ثقيلة جدا من الضحايا، فمنهم من فقد للأبد ومنهم من فقد طفولته للأبد في ظل مسلسلات الرعب والترهيب التي عاشها ويعيشها.
النجاة من الموت جراء القصف، المواجهات، القتل بدم بارد، والتجنيد القصري، ليست إلا مجرد حلقات ثانوية في ظل خارطة طريق الضياع التي أعدها الانقلابيون لأطفال اليمن.
ولعل من أصعب التجارب التي تعيش على إيقاعها هذه الفئة الهشة في الربوع اليمنية، وجودهم في منتصف رحى الألغام المتعطشة للدماء.
فلأجل إحداث أكبر عدد من الواقعين في شراك فخاخ الموت الحوثية النهمة، والمتلذذة بالتقتيل، موهت الألغام وألبست حلو الطفولة، واقتحمت فضاءاتها، فتارة وجدت في ألعابهم، وطورا على تخوم بيوتهم وحتى مدارسهم.
أطفال مبتوري الأطراف من مختلف الأعمار نالت منهم الألغام بوحشية وحرمتهم طفولتهم للأبد، فمنهم من يكتفي بالنظر لأقرانه وهم يلعبون، ومنهم من يمني النفس بالعودة لمقاعد الدراسة، ومنهم من يأمل في المشي مجددا، وأن لا يخافه بقية الأطفال بسبب أطرافه المبتورة ووجهه المشوه.
جراج جسدية عميقة وأخرى نفسية غائرة ألحقتها الألغام المغادرة بأطفال اليمن، فحتى من لم يهلك، ولم يصب إلى الآن يعيش رعب تخيل أنه في أي وقت وفي أي مكان ما يربض به فخ متفرج، قد يفقد حياته أو طفولته للأبد.
وبلغة الأرقام، نالت الألغام من حياة 100 طفل، وأصيب 160 آخرين دون سن السادسة عشرة. وهي أرقام مبدئية لا تعكس حتى الآن واقع الحال شديد الصعوبة، خاصة وأن هذه الأرقام لا تتحدث إلا على الانتهاكات الجسدية التي خلفتها فخاح الموت الحوثية ولا تتطرق البتة الى انعكاساتها النفسية.
مرارة بالجملة تعطيها روايات الأطفال لما شاهدوه عن الألغام وما تسببت به، فمنهم من فقد أباه، أمه، شقيقه أو صديقه.. إحداق يطفئ فيها طيف الخوف والألم بريق الطفولة في أحلى سنين العمر.. عمر البراءة.