الأخبار
الإصابات التي تلحقها الألغام بضحاياها فادحة، فهي تؤدي إلى معاناة لا مبرر لها كما تسبب إعاقة وعجزا دائمين لضحاياها. وقد حادت الألغام في اليمن عن الهدف المشروع لاستخدامها، والذي ورد بشأنه بند في إعلان سان بطرسبورغ ينص على أن “الهدف المشروع الوحيد الذي يجب أن تسعى إليه الدول أثناء الحرب هو إضعاف قوات العدو العسكرية”، ويتحقق ذلك بتحييد الجندي ومنعه من إمكانية الاستمرار في المعركة دون إحداث إصابات جسيمة تتجاوز هذا الهدف، وأي سلاح يزيد عن ذلك يعتبر سلاحا محرما من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني.
وتعتبر الألغام المضادة للأفراد من أكثر الأسلحة اشتمالا على دواعي الحظر نظرا لبقائها رابضة في باطن الأرض لمدة زمنية طويلة مما يتسبب في قتل المدنيين وجرحهم وإصابتهم بإعاقات دائمة.
لكن رغم تجريمها، تصدر اليمن قائمة الدول الأكثر حوادث للانفجار الألغام على مستوى العالم خلال 2018 فقط بحسب تقرير مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية، وهو نتيجة طبيعية لما تفعله الميليشيات الحوثية في اليمن، حيث لم يسلم من سلاحها المستتر أي شبر تقريبا في هذا البلد الذي بات يعيش واقعا مريرا نتيجة للغطرسة الحوثية.
وقد أكد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني ذلك بقوله “لقد تسبب الحوثيون من خلال الحرب التي أشعلوها ونتيجة نهبهم لموارد الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها بكارثة إنسانية كبيرة وهم يسعون من وراء تردي الوضع الإنساني لتحقيق مآرب سياسية وتثبيت الانقلاب وفرض الأمر الواقع”.
هذا ورصدت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بالتعاون مع 13 منظمة دولية 266 انتهاكا بحق المدنيين ارتكبتها ميليشيات الحوثي خلال الفترة الممتدة من 20 إلى 27 سبتمبر الماضي توزعت بين قتل وإصابة وخطف وقصف عشوائي لأحياء آهلة بالسكان وتهجير قسري وزراعة ألغام ومداهمة المنازل وترويع المواطنين وافتعال الأزمات وإعدامات ميدانية وتحويل منشآت تعليمية إلى ثكنات عسكرية.
وسجل فريق الرصد والتوثيق الميداني 22 حالة قتل بينهم امرأة و3 أطفال علاوة على تسجيل 12 حالة إصابة منها 3 حالات إصابة لأطفال نتيجة طمر الألغام الأرضية وحالتا إصابة نتيجة طلق قناص في مديرية حيس بمحافظة الحديدة.
فيما أشار مدير عام مديرية الغيل بمحافظة الجوف الشيخ شايف درهم المحبوبي إلى أن الحوثيين فجروا أكثر من 70 منزلا بشكل كامل بعد تفخيخها بالألغام والعبوات الناسفة إضافة إلى تضرر أكثر من 150 منزل بشكل جزئي من خلال استهدافها بالقذائف والصواريخ.
هذه الأعمال التخريبية دأبت عليها هذه الجماعة لزرع الخوف في نفوس الأهالي وإخضاعهم عن طريق استعمال أساليب ترهيبية التي لم تأت بؤكلها في ظل رفض الشعب لأساليب القمع.
وتعد مديرية الغيل من أكثر المديريات احتواء للألغام، إذ أن حقول الألغام هناك لا تحصى ولا تعد خاصة وأن المتمردين تعمدوا زراعتها في المنازل والممرات بشكل كثيف وعشوائي.
وأوضح المحبوبي أن الميليشيات قد قامت بتفخيخ آبار المياه بعد نهب مضخاتها مما أدى إلى تصحر الأرض وجفاف الأراضي الزراعية.
هذا الكم الهائل من الألغام أسفر عن تزايد مستمر في عدد الضحايا منهم من فارق الحياة والبقية ما بين مبتوري أطراف ومعاقين إعاقة كاملة.
لقد اختلفت الإحصائيات المحلية والدولية في تقدير المساحات المزروعة بالألغام في اليمن لكن المؤكد أن ما تقترفه هذه الجماعة في حق الشعب اليمني هو جريمة بما تحمله الكلمة من معنى فهذه الميليشيات لا تمر من أي مكان إلا ووضعت فيه “بصمة دم” ليدفع المدنيون الثمن من أجسادهم وأرواحهم.