الأخبار
“يهدف القانون الدولي الإنساني إلى الحد قدر الإمكان من جسامة أعمال التدمير والمعاناة التي تلحق بالسكان المدنيين خلال النزاعات المسلحة. فالقانون الدولي الإنساني لم يطلق اليد للجيوش المتحاربة لتفعل ما تشاء لجلب الإنتصار بل إن القواعد القانونية العرفية تحظر على المقاتلين استخدام أسلحة ذات الطابع العشوائي أو التي تسبب معاناة مفرطة والتي لا مبرر لاستخدامها وكذا يحظر استخدام الأسلحة التي تسبب ضررا منتشرا وممتدا وبالغا للبيئة الطبيعية”. هذا ما ورد في تقرير متعلق بالألغام في اليمن.
وبالرجوع إليه يمكننا أن نفهم حجم الخروقات والانتهاكات التي مارستها جماعة الحوثي في حق الشعب اليمني، فهي لم توفر جهدا لتنغص حياة المدنيين وتذيقهم الويلات، فبالإضافة إلى القنص والقصف والتعذيب.. نجد الألغام التي قضت على الأمان تماما وأحالت حياة الناس إلى كابوس متواصل، فالميليشيات لم تعد تزرع الألغام لإعاقة تقدم القوات الحكومية والسيطرة على المناطق التي تفر منها، بل صار هدفها الإنتقام وقتل المواطنين في مساكنهم وقراهم، حيث تعمدت نشر قاتلها المستتر في الحقول والمزارع والطرق والمراعي والوديان والمباني السكنية ولم يسلم منها حتى النخيل.
وكان الخبراء قد قدروا عدد الألغام المزروعة على التراب اليمني بحوالي مليون لغم في الوقت الذي لا تتوقف فيه الميليشيات عن زرع الألغام كل يوم وتفخيخ السهول والهضاب لإزهاق أرواح المدنيين وتعريض ممتلكاتهم للخطر بالتالي حرمانهم من مصادر دخلهم وإلحاقهم بقائمة الجوعى والعطشى.
لقد أغرقت الميليشيات الحوثية الأراضي اليمنية بمئات الآلاف من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة، فهي تملأ الأحياء السكنية والطرق العامة والصحراء ومختلف المناطق التي اجتاحتها هذه الجماعة مما جعلها تشكل عائقا كبيرا أمام عودة اليمنيين إلى مناطقهم المحررة وكذا تنقلاتهم.
لقد حولت أحلامهم إلى كوابيس وآمالهم إلى خيبات، وأفراحهم إلى أتراح، وقد اختزلت قصة الشاب طارق محفل من محافظة صعدة هذه المرحلة المظلمة من تاريخ اليمن حيث كان يستعد لدخول القفص الذهبي، غير أن بذور الحقد الحوثي التي غص بها باطن الأرض حالت دون ذلك، إذ انفجر لغم في السيارة التي كانت تقله رفقة أبيه ليحول فرحته إلى مأساة حقيقية وليحيلهما إلى المستشفى أين مكث في العناية المركزة إلى أن استقرت حالته وهو يخضع حاليا للعلاج.
لقد تسببت هذه الألغام الملعونة التي وزعها الإنقلابيون بإسراف على المناطق اليمنية بسقوط الآلاف من المدنيين بين قتلى ومصابين الذين يعاني أغلبهم من إعاقات مستديمة.
لذلك لم يدخر مشروع مسام جهدا للحيلولة دون تفاقم الوضع وإزهاق المزيد من الأرواح من خلال تزويد فرقه بالتجهيزات اللازمة للقيام بمهمتها على أكمل وجه وبنسق سريع.
وكان مدير عام المشروع السيد أسامة القصيبي قد أعلن أن الفرق الميدانية تمكنت خلال الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر من نزع 574 ذخيرة غير منفجرة و20 عبوة ناسفة و259 لغم مضاد للدبابات و23 لغم مضاد للأفراد ليصل المجموع لـ876 وليرتفع إجمالي ما تم نزعه منذ بداية الشهر ولغاية يوم 20 منه إلى 5812.
وذكر القصيبي أن بهذا العدد يكون إجمالي ما نزعته الفرق منذ انطلاق المشروع وإلى حدود 20 سبتمبر الجاري 90637 تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة.
لقد أتت الألغام على الأخضر واليابس.. هذا القاتل الخفي تلاعب باليمنيين وسيظل يفعل ذلك لسنوات قادمة إن لم تتوفر الإرادة الدولية لإنتشال هذا البلد من براثن هذه العلب القاتلة الموزعة تقريبا على كامل التراب اليمني.