الأخبار
![a24287c3-880e-4277-93a4-24301549f657 a24287c3 880e 4277 93a4 24301549f657](https://projectmasam.com/wp-content/uploads/2018/12/a24287c3-880e-4277-93a4-24301549f657.jpg)
قد تكون مخلفات الحرب أصعب من الحرب نفسها، فما زالت الألغام تفتك بالمدنيين في عدة دول رغم نهاية المعارك فيها، فكيف ببلد يرزح تحت طائلة حرب أحد أطرافها فصيل يعشق إراقة الدماء وبتر الأعضاء من خلال زرع عدد هائل من الألغام.
فقد أبتلي اليمن بألغام أرضية زرعتها ميليشيات الحوثي فاق عددها المليون لغم حيث يمكنك إيجادها على طول الطرق الرئيسية والقرى والمزارع.. فضلا عن المنازل والآبار إلى أن صارت الألغام هاجس اليمنيين الأكبر خاصة بعد أن أسرفت ميليشيا الحوثي في استخدامها وتفننت في تمويهها وإخفائها، فأصبحت تطارد اليمنيين في كل خطوة خاصة الأطفال الذين صاروا فريسة سهلة لها.
ولعل قصة عائلة الطفلة “رهف” ذات الربيع العاشر واحدة من مئات القصص الدامية حيث تحولت حياة هذه العائلة إلى مأساة حقيقية بعد أن انفجر أحد ألغام الموت التي زرعتها الميليشيا في تعز في والدها لتفقده حياته.
“مات الذي كان يشتري لي الجعالة (الحلوى)” هكذا استهلت رهف حديثها لتلخص معاناتها وحزنها في جملة. جملة قالتها وهي تشير إلى صورة معلقة على جدار منزلهم من الداخل بينما تقف والدتها في الجهة المقابلة والوجع يعتصر قلبها ثم قالت بكلمات تنم عن الحرقة: “الله لا يسامح ولا عافى من حرمنا منه”.
أما في الجهة الأخرى من اليمن وتحديدا في الحديدة، تروى مأساة جديدة خطتها الألغام الحوثية حيث فقدت أسرة أم عمار عائلها بعد أن نخرت شظايا الألغام جسده التي تمكنت إحداها من التسرب إلى حبله الشوكي فأجبرته على ملازمة الفراش لبقية حياته وقضت على أمله في الحركة التي كانت بالكاد تكفيهم لتوفير حاجياتهم وسد رمق جوعهم.
تقول أم عمار والأسى يملأ مقلتيها: “أصبحت عاجزة أمام هذا الوضع مع خمسة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 13 عاما حيث لا يجدون غير ما يجلبه لهم الجيران الخيرين وما تجود به بعض المنظمات الإنسانية”، ضيفة “إن الإرهاب الحوثي لم يفقدنا الحياة الكريمة وحسب وإنما أخذ منا اليد والظهر الذي نستند عليه “في إشارة إلى زوجها المقعد و المتألم لما آلت إليه أوضاع عائلته.
القصص السابقة ماهي إلا نزر قليل من كم هائل من المآسي التي يعيشها الشعب اليمني نتيجة زراعة الألغام بطريقة عشوائية ودون خرائط يستدل بها على مكانها الشيء الذي حول حياة اليمنيين إلى جحيم حيث صار الموت يلعب معهم لعبة الغميضة.
لقد تسببت حقول الألغام هذه في سقوط 900 شهيد وأكثر من 10آلاف جريح بينهم نساء وأطفال ومازاد في تأزم الوضع هو قيام الميليشيات بتصنيع ألغام على شكل صخور ملونة وإسطوانية وألعاب أطفال ومجسمات متنوعة مما جعلها شركا يسهل الإيقاع بضحيته.
ما حل باليمن في سنوات الحرب من زراعة للألغام على يد الحوثيين تعدى حدود المعقول. سياسة إحراق الأرض هذه انتهجتها الميليشيا الإنقلابية لمعاقبة الشعب اليمني وزادة معاناته بسبب معارضته لوجودها، لكن رغم هذا الوضع المتأزم ورغم المخاطر التي تحوفه مازال مشروع مسام لنزع الألغام باليمن يثابر لإخراج هذا البلد إلى بر الأمان ولو نسبيا.