الأخبار

كيف يعيش أطفال اليمن في زمن الانقلاب؟ كيف يقضون أوقاتهم وهم مهددين بالقتل والتجنيد والاختطاف وفقدان كل غال وعزيز؟ كيف تتحول الطفولة إلى هدف وضحية أولى تستهدفها يد الغدر الحوثية في الوقت الذي تنص فيه المعاهدات والاتفاقيات على عدم المساس بالطفل تحت أي ظرف ومهما زادت حدة الصراعات واشتعلت وتيرتها؟.
لكن كل النتائج في اليمن تشير إلى الاستهداف المستمر للطفولة على يد الحوثيين، فمآسي الانقلابات الدموية وفظائعها لا تتوقف منذ فجر التاريخ لكنها في عصرنا الراهن تتخذ شكلا أكثر بشاعة وتثير أحاسيس متناقضة، إذ تدمع المقل عندما ترى لحظات وجع ناتجة عن وحشية الإنسان الذي تجرد من إنسانيته في سبيل الوصول إلى كرسي بائس وهو يعلم جيدا أنه لن يقدم شيئا لهذا البلد الذي دمر كل مقومات الحياة فيه.
يقال أن الصور أبلغ من الكلمات لكن لو أردنا تجميع الصور التي توثق جرائم الحوثيين في حق أطفال اليمن فلن تتمكن من ذلك لكثرتها.
أطفال ليس لهم ذنب سوى أنهم ولدوا في أتون الانقلاب الحوثي فباتت قصصهم تؤرخ مآسيهم ولعل حكاية الطفل زكريا واحدة من قصص الألم والمعاناة.
زكريا طفل لم يتجاوز الـ15 من عمره ينتمي إلى مديرية المضاربة ورأس العارة التابعة لمحافظة لحج جنوب البلاد فقد الحركة تماما.
ترى الأطباء والممرضين يحاولون رفع جسده بالاستعانة بأجهزة ومعدات طبية في أحد مستشفيات الهند بعد أن انفجار فيه لغم أرضي زرعته ميليشيا الحوثي تعرض على إثره لنزيف حاد في الدماغ أفقده القدرة على الحركة و فقدان الذاكرة.
حتى رحلة العلاج الطويلة والمؤلمة في مستشفيات تعز وعدم لم تفض لأي نتيجة ولم تكن تجربة العلاج في الهند أحسن حالا. رحلة علاج تكبد الوالد فيها كل الويلات فهو يرى فلذة كبده طريح الفراش عاجز عن الحركة.
لكن رغم الحزن الذي يعتصر قلبه أقدم على رحلة علاج ابنه في الهند بكثير من الأمل والديون التي أثقلت كاهله بحثا عن الشفاء واستعادة حياة ابنه التي سرقت منه.
زكريا مهدد الآن بالإخراج من المستشفى بعد عجز والده عن دفع مستحقات العلاج والفحص المستمر، لذلك تجد الوالد يسعى بكل الطرق لإيجاد مخرج واستعادة جوازي السفر الذين احتجزتهما إدارة المستشفى.
عنتر هواش والد زكريا وجه نداء للجنة الجرحى الموجودة في الهند للاهتمام بولده وللتدخل لحل المسألة المالية مع المستشفى، كما توجه إلى كل قلب رحيم بأن ينقذه من الألم ويساهم في إعادة ما تسرب من طفولة زكريا إضافة إلى مناشدة محافظ لحج للمشاركة في إنقاذ ابنه بعدم إخراجه من المشفى لأنه بات في حاجة ماسة لإستكمال علاجه.
زكريا الطفل الذي ترى امتقاع وجهه وارتعاش جسمه كلما حاول أن يرتفع من فراشه، صورة تمزق نياط القلب.
لاشيء يأمله الأب المكلوم سوى أن يواصل زكريا علاجه فهو لا يريد العودة دون أن رسم البسمة على وجه ولده واستعادة الذاكرة التي سرقتها آلة الموت الحوثية.