الأخبار
السلام هو كل ما يخشاه الحوثي لأنه يعلم أن للسلام استحقاقات وفيه ضمان لحقوق اليمنيين التي أساسها حرية الاعتقاد والتعليم والعمل السياسي، وهو ما سيسحب من تحته البساط لأنه لا يعيش سوى على فقر الناس وجهلهم واستخدام القوة. والسعي إلى سلام دون حقوق اليمنيين الأساسية لإرضاء هؤلاء المتمردين هو أشبه بتسليم رقابهم وكرامتهم لهذه الميليشيات.
لذلك يسعى الحوثي إلى تجويع الناس وتسخيرهم لمشروعه الظلامي عن طريق ترهيبهم وزرع الخوف في نفوسهم، كما هو الحال الآن، لأنه يعلم تمام العلم أن معظم أبناء اليمن ليسوا معه ولا يدعمونه.
لقد انتهكت هذه الجماعة كل الأعراف الدينية والأخلاقية والقانونية والإنسانية، فقتلت وشردت ملايين اليمنيين. ففي أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن ورد بأن الانقلاب الذي قامت به الميليشيات الحوثية تسبب في وفاة ما يقدر بنحو 233 ألف شخص في السنوات الخمس الأولى للنزاع، بما في ذلك 131 ألفا لأسباب غير مباشرة مثل نقص الغذاء والخدمات الصحية والبنية التحتية، مشيرا إلى أنه تم التحقق من 3153 حالة وفاة للأطفال وإصابة 5660 طفلا في حين تم الإبلاغ عن 1500 إصابة مدنية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 مع تواصل الهجمات على المرافق المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني بما في ذلك المراكز الطبية.
وبالعودة إلى ما سبق ذكره وإلى الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع المزري، نجد أن المتهم الأول هي الألغام والمواد المتفجرة التي نثرتها هذه الجماعة الإرهابية في مختلف ربوع اليمن بشكل مستمر، والتي خلفت خسائر فادحة في صفوف المدنيين وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها ودمرت البنية التحتية مما جعل الآلاف من اليمنيين يلقون حتفهم جوعا أو عطشا أو أثناء بحثهم عن رعاية صحية.
لقد خلف الاستخدام الواسع النطاق للألغام أوضاعا إنسانية وصحية صعبة حيث زرعت هذه الآفة في الأراضي الزراعية والقرى والطرق والآبار والمستشفيات والمدارس وحتى المنازل.. مما وقف حائلا أمام عودة عديد الأسر إلى ديارهم علاوة على منع اليمنيين من حصاد محاصيلهم أو ممارسة أعمالهم التي يوفرون بها قوتهم وقوت عائلاتهم، هذا إلى جانب منع جماعات الإغاثة من الوصول إلى المجتمعات الضعيفة وتقديم الغذاء والرعاية الصحية لليمنيين الذين يعانون من الجوع والأمراض بشكل متزايد وهو ما يعد عقوبة مضاعفة أنزلتها هذه الميليشيات على الشعب اليمني.
كل يمني يعتبر بقاءه على قيد الحياة، بعد رحلة عمله، هو بمثابة ضربة حظ لأن الألغام لم تترك شبرا في اليمن إلا وغزته. لكن رغم هذا الوضع المأساوي، لم تستسلم فرق مسام بل جندت خبراتها وترسانتها البشرية واللوجستية لتخفيف هذا العبء على المواطن اليمني وتأمين حياته والمرور به إلى بر الأمان الذي افتقده منذ أن طفى هؤلاء الفوضويون على الساحة اليمنية، فلطخوا المشهد برمته، وحولوه إلى سواد، وجعلوا رائحة الموت تفوح من كل مكان.
وبفضل الإيمان الراسخ بالرسالة الإنسانية التي بعث المشروع من أجلها، سخر عاملو مسام حياتهم لدرء هذا الخطر عن اليمنيين. وقد تمكنوا من إزالة 203.015 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة. كما تمكن المشروع مؤخرا من تنفيذ عمليتي إتلاف وتفجير لـ2130 لغم وذخيرة غير منفجرة، وهي حصيلة ما وقع نزعه في مديريات المخا والموزع والخوخة وذباب خلال الشهر الفارط، الأولى كانت في منطقة مرة بمديرية عتق والثانية في مديرية باب المندب. ليصل إجمالي عدد عمليات الإتلاف التي نفذتها فرق مسام في الساحل الغربي إلى 41 عملية.
لعنة الألغام لاحقت اليمنيين لسنوات طويلة. لكن أبشعها كانت على يد جماعة الحوثي التي أسرفت في زرع هذه العلب القاتلة التي حولت حياة مجتمع بأسره إلى جحيم مستعر.