الأخبار

مآسي وأوجاع اليمنيين من ضحايا فخاخ الموت الحوثية باتت اليوم تتحدث عن نفسها بأكثر من لسان إنساني يصور مصاب هؤلاء الناس الذي قطعت أوصال أجسادهم وأراضيهم بسبب تنكيل الألغام الحوثية بهم.
اليوم يطل هذا الوجع الإنساني على العالم من شاشات السنيما ليقول بالكلمة والصورة الكثير والكثير عن نكبته العظمى التي أغمض العالم في أوقات عصيبة ومصيرية عيناه عنها، أو تظاهر بعدم رؤيته وسماح أصوات عذاباتها الصارخة.
وقد حاز فيلم المخرجة اليمنية الأردنية نسرين الصبيحي نعمان الذي يحمل عنوان “ماذا بقي مني؟” الذي وثق وجع متضررين فقدوا أطرافهم جرّاء الألغام الحوثية، على جائزة أفضل قصة بمهرجان فيوجين شمال أوروبا للأفلام في ختام دورته الحالية بلندن، وذلك بعد تنافس محموم بين 180 فيلما لمخرجين من 50 جنسية مختلفة.
الفيلم طوى المسافات وأسقط الأقنعة على وجع مبرح للإنسانية في اليمن بسبب داء الألغام الحوثية، حيث تحدث فيه أهالي تعز المتضررين من الألغام، حل بمزارعهم والمدارس والأماكن السكنية.
وأهدت مخرجة الفيلم الجائزة للسيدة “دليلة” التي كان ذنبها الوحيد أنها ذهبت قبل عرسها بثلاثة أيام لتحضر ماء من بئر، فسرق الحوثيون فرحة عمرها بدفن لغم على عتبة بئر الماء وتحولت من عروس إلى ضحية، وخسرت حياتها، وطالبت بإيصال صوتها إلى العالم، وهي غيض من فيض آلاف الضحايا الذين سلبتهم الألغام والقذائف الحوثية هناء الحياة.
وقد أثنى السفير اليمني لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين سعيد نعمان، على وجود هذا النوع من الأفلام الوثائقية والذي يسهم في توضيح الصورة الحقيقية للحرب التي يخوضها الحوثيون ضد اليمن منذ سبتمبر 2014 وحتى الآن، معربا عن حاجتهم لمزيد من هذه الأفلام التي تظهر الحقيقة والحياد.
من جانبها، قالت نسرين الصبيحي “إن أفلامي خلاصة جهد ومعاناة واجهتها كشاهدة قبل أن أكون مخرجة، وجدت على الواقع أن حال الإنسان يتعرض لأسوأ عملية توظيف واستغلال سياسي من قِبل الميليشيا الحوثية والأطفال يتغذون من ذات الجهة على ثقافة القتل ورفض الآخر، عبر ترديد شعار الموت الملصق في كل مكان”.
وفي مشوار مثابرتها من أجل رسالتها الإنسانية، عجت مسيرتها بلقاء حالات إنسانية ينفطر لها القلب، حيث قالت “قابلت الكثير من مبتوري الأطراف بفعل الألغام التي زرعها الحوثي قبل مغادرتي تعز المدينة، وأخذت تنقلاتي بين المحافظات ساعات طويلة من التنقل في طرق جبلية وعرة مرورا بنقاط تفتيش عسكرية حوثية كثيرة ترفض مرور الإعلاميين ما لم تكن المهمة لصالحهم، ومن هنا أدركت أن إظهار الحقيقة عملية غير ممكنة، ولكم أن تتخيلوا كم من القصص لم توثق لعدم توافقها مع ما يريدون”.
بدورهم أشاد مخرجون مشاركون في المهرجان بالفيلم، وذكروا أن أهميته تكمن في وجود المخرجة على الأرض، وهذا ما يستدعي أهمية الفيلم والحقائق والشواهد التي رصدها مباشرة مع الناس والمتضررين المباشرين من ألغام الحوثيين، وهي تجربة مثلت دائرة ضوء في بحور التعتيم والتجاهل التي يسبح فيها الواقع الإنساني المرير لضحايا فخاخ الموت الحوثية.