وسط أمواج الظلام والأنين الكامن الذي لا يزيل غشاوته بكاء، وسط أنهار من دموع جرت على صفحة الوجه جراء وجع القلب، يبحر اليمنيون يوميا محاولين التعايش مع الوضع الذي فرضته عليهم حركة الحوثي الإرهابية.
يعيش أبناء اليمن الألم بكل تفاصيله. الألم ذاك المزيج بين شعور الشجن والفقد، بين عالمين مختلفين تجمعا في زوج مفقود يحمل ذكرى جميلة، أو وطن مسروق يذهبون إليه في أحلامهم ولا يملكون إلا أن يرونه حلما ضائعا في يقظتهم حتى ولو كانوا يسكنونه ويحيون على أرضه.
لقد شارف العام السابع للانقلاب الحوثي على الشرعية وسيطرته على كل موارد الدولة على الانقضاء. لكن الأزمة الإنسانية ووجع المواطن اليمني كانا قد بدآ قبل ذلك بأكثر من عام أي منذ بداية تغول تلك الميليشيات على المدن اليمنية.
خلال الأعوام الماضية، مرت على المواطن اليمني عدة أزمات تنوعت بين الأمراض والجوع والأوبئة والفقر والتشريد بيد أن الألغام تصدرت المشهد باعتبارها المتسبب الأول في تعميق الأزمة برمتها. فالشعب اليمني يعاني ويجاهد ويكافح من أجل البقاء في ظل وجود تلك الآفة.
هذه المعاناة تتراكم يوما وراء آخر ولن تعالج إلا بتحرير جميع المحافظات من ألغام الحقد التي احتلتها ودمرتها وسممت تربتها الخصبة. فالميليشيات الحوثية تعتاش على أوجاع المدنيين ولا تبالي بأوضاعهم الإنسانية بل ماضية في مزيد تعميقها.
اليمن اليوم يعاني خطرا قاتلا خفيا يشل حركة أبنائه اليومية ويحرمهم من استثمار أراضيهم ويهدد حياتهم، ذلك هو خطر الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة التي خلفها ذاك الفصيل الدموي خلال أعماله العدائية.
وقد أخذ مشروع مسام على عاتقه مهمة تطهير الأرض اليمنية من هذا الشر المميت لأن إزالة الألغام جزء رئيس من مهمة مسام الإنسانية المتمثلة في حماية أرواح المواطنين.
في هذا الإطار، تقوم فرقه الهندسية بتنفيذ مهمات تطهير الأراضي الملوثة إلى جانب نشاطات التدريب والتوعية ومساعدة الضحايا عبر التأهيل الجسدي والنفسي والمعنوي.
وهنا لابد من التوقف عند التضحيات الكبرى التي قدمها عاملو المشروع وخاصة الذين أصيبوا منهم وكذلك وجب الوقوف إجلالا لأرواح الشهداء الذين قضوا بسببها.
لقد أظهر العاملون شجاعة فائقة وإخلاصا ثابتا تجاه اليمن بتخليصه من الوباء الذي دس بينتربة أرضه.
وبفضل الجهود الرائدة، تمكن مشروع مسام من نزع الآلاف من هذه العلب المتفجرة من البيوت والمزارع ومناطق الرعي والطرقات وغيرها من المناطق الحيوية التي يحتاجها الناس.
كل يوم يرسم مسام البسمة على محيا أبناء اليمن وخاصة الأطفال الذين رأوا طفولتهم تنهب منهم بعد أن حرموا من اللعب في الأنهج التي ألفوها مع جيرانهم وأقرانهم. تلك الفرحة هي التي تمنح فرق المشروع الدافع للقتال من أجل إزالة الألغام والتخلص منها.
المعركة مستمرة إنما بوجه آخر، فمسام عاقد العزم على التصدي لخطر الألغام ليقي المواطنين شرها معرقلا بذلك المخطط الإرهابي الحوثي.