الأخبار
حال اليمن لا يبشر بخير، فهو يسير في نفق مظلم لا يوجد فيه سوى معاناة تليها معاناة. إن الانقلاب الذي قامت به الميليشيات الحوثية منذ 6 سنوات خلف أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم وعمق مأساة اليمنيين التي لا تنتهي في كل ربوع الوطن الذي سبق ومزقته الصراعات والحروب.
ومع استمرار هذا الانقلاب تزداد الكلفة التي يدفعها المدنيون. فقد سلكت الميليشيات الحوثية طريقا مكلفا وخطيرا. إذ تواصل ارتكاب جرائم ضد اليمنيين لتتزايد معها حالات استهداف المدنيين مع كل يوم تظل فيه هذه الجماعة جاثمة هناك.
لقد قام الحوثيون ببذر الفناء في ربوع اليمن عن طريق الألغام التي لم تسلم أي منطقة دخلها هؤلاء المتمردون من بطشها.
فبفعل الجنون الحوثي الغير عابئ بمصير المدنيين، صار اليمن البلد الأكثر تعرضا لانتشار كارثة الألغام.
فقد تصدر قائمة الدول الأكثر حوادث لانفجار الألغام على مستوى العالم في العام 2018 فقط، وذلك حسب تقرير مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام لأغراض إنسانية، وهو ما يشكل خطراً مستداما على حياة المدنيين.
ويبدو وأن الأمر سيستمر في ظل إصرار هذه الجماعة على استخدام هذا السلاح الغادر بكثافة وعشوائية وكأنها تتوعد بتدمير اليمن وزرع الألم والمعاناة. حتى وإن أزيحت فستترك إرثها القاتل الذي نشبته في مختلف المناطق التي ولجتها ليتكفل بالمهمة التي عجزت عن تحقيقها وليثلج صدرها بقتل المناهضين لها.
ورغم تفاوت الإحصاءات المحلية والدولية بشأن تقدير المساحات المزروعة بالألغام في اليمن، يبقى المؤكد أن نشاط الحوثيين في هذا المجال أصبح” بصمة دم” طبعتها ألغامهم على أجساد اليمنيين التي منها من تحولت إلى أشلاء، فآواتها تربة بلادها ومنها من تمشي منقوصة من عضو.
وفي ترجمة بسيطة لما سبق ذكره، صرح مشرف فرق مسام الهندسية في محافظة تعز، عارف القحطاني، أن الألغام الحوثية المزروعة بشكل كثيف وعشوائي في مديريات المحافظة تسببت بمقتل وإصابة أكثر من 2154 مدني منهم 184 طفل قتيل و384 طفل جريح.
فقد لوثت الميليشيات الإرهابية 18 مديرية في محافظة تعز بآلاف الألغام بشتى أنواعها والعبوات الناسفة بمختلف أشكالها وأحجامها معلنة بذلك الحرب على سكان المنطقة ولتفتح عليهم أبواب جحيم لا يعرف قرارا.
ولشق طريق للحياة وسط الموت المزروع في اليمن، يتحرك مشروع مسام بخطى ثابتة ومدروسة لتأمين حياة المدنيين من هذا الخطر الكامن في أديم الأرض. وقد تمكن خلال عامين من بث الحياة من جديد في عدة مناطق التي سكنتها علب الموت بعد أن أمنها تماما ومكن أهلها من العودة إليها واستئناف أنشطتهم.
هذا الإنجاز ينسحب كذلك على الفريق 22 مسام الذي استطاع خلال العامين الماضيين من تأمين 30 مدرسة ومركز تعليمي و6 مراكز صحية ومستشفى كما تمكن من تأمين منازل اليمنيين وطرقاتهم وعددا كبيرا من مزارعهم لينير بذلك نور الأمل في نفوس أبناء الوازعية.
هذه الكلفة البشرية والمادية التي يدفعها اليمنيون نتيجة انقلاب الميليشيات الحوثية على الدولة ستؤدي حتما إلى تداعيات اجتماعية وإنسانية على المدى الطويل.