الأخبار
يقول الفيلسوف والرياضي الإنجليزي راسل “الحرب لا تحدد الطرف الممثل للحق، وإنما تحدد من سيموت ومن سيبقى على قيد الحياة”. وعلى الأغلب هو التوصيف والتصور الأنسب للحرب. فأكثر ما يؤلم في أي صراع هو تقتيل المدنيين وتشريدهم وهو ما تقوم به الميليشيات الحوثية بكل إخلاص وتفان من خلال استعمال الألغام.
لقد نثرت جماعة الحوثي صناديق موتها في كل مكان باليمن، حيث يمكن إيجادها في الطرق والمزارع والمناطق السكنية وكل ما هو مرتبط بحياة المدنيين في مسكنهم ومعيشتهم. ودأب المتمردون على زراعة الألغام بشكل عشوائي في المدن والقرى اليمنية راح ضحيتها الآلاف من المدنيين بين قتيل وجريح.
ولم تقتصر هذه الميليشيات على زراعة الألغام البرية، بل زرعت ألغاما في جنوب البحر الأحمر، مما يهدد أمن وسلامة الخطوط البحرية الدولية والسلم والأمن الإقليمي والدولي. وهو ما يعد كذلك انتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن.
ووثقت عدة منظمات دولية وإنسانية سقوط آلاف الضحايا من المدنيين نتيجة هذه الآفة المنثورة على التراب اليمني، فيما كشفت تقارير رسمية أن عدد ضحايا الألغام الأرضية المزروعة يتجاوز 3400 شخصا منهم 2700 قتيل بينهم 148 امرأة و279 طفلا وأكثر من 700 مصاب أغلبهم من الأطفال. لقد أدى الاستخدام الحوثي غير المبرر للألغام الأرضية إلى مقتل وجرح اليمنيين عدا عن فقد الكثير منهم لأطرافهم.
وقد تنوعت الألغام الحوثية بين مضادة للدروع وأخرى للأفراد إضافة إلى العبوات الناسفة والتي تعتبر ألغاما فردية حرم زراعتها أو نقلها أو تصنيعها وفق اتفاقية أوتاوا.
هذا الخطر سيظل يلاحق أرواح اليمنيين لسنوات قادمة وسيشكل تهديدا للحياة فقد تسبب في إخلاء عدد من القرى والمدن من سكانها مما جعل المكان أشبه بمدن الأشباح.
لكن رغم ما ألحقته هذه الجماعة بالمدنيين من أضرار نفسية وبدنية ومادية إلا أنها مازالت تواصل زراعة الألغام مركزة على الأماكن العامة والأحياء السكنية والطرقات لإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا. إن ما نراه يوميا من مشاهد وفظائع ترتكبها هذه الجماعة ما هو إلا لحظات من وجع إنسان ناجم عن وحشية إنسان آخر.
هذه المآسي ترسم ندوبا في ضمائر البشر. هي صور تحرك الوجدان وتعتصر القلوب التي مازالت تتسم بالرحمة.
في اليمن دفع الإنسان فاتورة غالية لحرب عبثية أشعلتها شرذمة مارقة غايتها الوصول إلى سدة الحكم دون برنامج أو رؤية أو هدف. هذا الأمر دفع المملكة العربية السعودية إلى محاولة إيجاد حل لإبعاد شبح الموت عن اليمنيين.وكان مشروعها الإنساني مسام الذي بعث منذ ما يقارب العام ونيف مصدر أمل في واقع مرير.
لقد سعت المملكة إلى إبعاد اليمن عن حافة الانهيار وتجنيب مواطنيه خطر القاتل الخفي. وبالفعل تمكن مشروعها مسام من تحقيق نتائج مذهلة في مجال إزالة الألغام حيث استطاع نزع أكثر من 100 ألف لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة، أي أنه أنقذ حياة ما يزيد عن 100 ألف مواطن يمني وزرع الأمل في نفوس اليمنيين بغد أفضل.
ورغم الصعوبات فإن مشروع مسام يسعى من خلال فرقه الميدانية إلى استكمال تطهير الأراضي والسواحل اليمنية من الألغام التي أرقت حياة العباد وجعلتهم يعيشون كابوسا متواصلا.
هذا الإنجاز الرائع الذي أثلج الصدور زاد من همة الفرق، وصار أفرادها يطمحون إلى تحقيق معدلات أفضل أثناء المرحلة المقبلة نظرا لإيمانهم الراسخ بقيمة الرسالة الإنسانية التي يحملونها والهادفة إلى إيقاف نزيف الأرواح الناجم عن زراعة الألغام.
إن البصمة السوداء لجماعة الحوثي الإرهابية مازالت حاضرة حتى في المناطق المحررة رغم الجهود التي تبذلها جميع الأطراف وعلى رأسهم مشروع مسام لذلك يتوجب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة التحرك بصفة سريعة لإجبار الميليشيات الانقلابية على وقف زراعة الألغام التي أودت بحياة المدنيين وأحالت الآلاف منهم على الكراسي المتحركة.