الانقلاب الذي طال كل بيت في اليمن شمالا جنوبا سينتج أجيالا من البشر مشوهين، عاجزين عن توفير احتياجاتهم. سيخط التاريخ قصصهم المأساوية بدموع القهر والحزن، وسيذكر أن أفراد جماعة الحوثي الأنانية فضلوا مصلحتهم على مصلحة أبناء شعبهم حيث حطموا أحلامهم ودمروها بجشعهم وتضخم ذواتهم وغطرستهم وإجرامهم.
صوت الموت يتردد صداه في كل زاوية في اليمن أين ترقد ألغام الحوثي اللعينة بهدوء ترقب ضحاياها. حركة التمرد حركة عنف دينية مسلحة لذلك رأت في هذا السلاح ضالتها لتتمكن من تحقيق انتصار وهمي وكذا للانتقام من اليمنيين الذين عارضوا أهدافها وأسلوبها.
قبل ما يقارب السبع سنوات، بدأ مسلسل خراب اليمن أنسانا وعمرانا بعد أن انقلبت عصابة الحوثي على أهدافها أيام الثورة. وقد كان للألغام باع كبير في خلق هذا الدمار.
واستمرار إزهاق أرواح المدنيين بسبب هذه العلب المتروكة في المدن والقرى المحررة تقف وراءه عدة أسباب لعل أبرزها انتشارها الواسع وعددها الكبير عدا عن غياب ما يستدل به عن مكانها وارتفاع تكلفة إزالتها.. لذلك فإن عملية تطهير المناطق المحررة من مخلفات الحرب يتطلب جهودا إضافية ودعما ماليا وخبرات دولية. فقد مضت أشهر على تحرير عدة مناطق ومازالت بعض الأحياء غير جاهزة لاستقبال أهلها الذين نزحوا منها هربا من بطش هذه الجماعة الإرهابية، لكن رغم ذلك فإن الفرق المختصة التابعة لمشروع مسام تواصل عملها في رفع الألغام من جميع المناطق التي شهدت احتلالا من عصابات الحوثي.
وقد استطاع المشروع خلال مدة عمله على الأراضي اليمنية أن يخفف وطأة آثار الانقلاب وتأثيراته على حياة الناس ومعيشتهم اليومية.
ففي وسط حقول الموت الشائك ودروب المخاطر، عملت فرق مسام الهندسية بكل تفان وإصرار وصل حد تضحية عامليها بأرواحهم. إذ استشهد 21 من طواقم المشروع إضافة إلى سقوط 16 جريحا بعضهم تعرض لإعاقات دائمة.
وعلى الرغم من صعوبة العمل في مجال نزع الألغام، يعمل أفراد فرق مسام بمعنويات عالية وعزيمة قوية لتحقيق الهدف الذي من أجله وجد وهو تأمين المواطنين اليمنيين من الموت المدفون تحت الأرض وتمكينهم من العودة إلى مزارعهم ومدارسهم ومساكنهم وطرقاتهم والعيش بسلام في يمن خال من الألغام.
وقد تمكنت فرق مسام الهندسية من إزالة 1186 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو، ليبلغ إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية الآن 252735 لغما وذخيرة غير منفجرة علاوة على تطهير 22990147 مترا مربعا من الأراضي اليمنية، مما بعث الأمل في نفوس اليمنيين الذين كادوا أن يفقدوه بسبب طغيان هذه الجماعة وإصرارها على تدمير وتخريب البلد وإراقة دماء الأبرياء خدمة لأجندة خارجية استعمارية.
أبناء اليمن يبحثون عن الأمل في وطن موؤود بين ركام الخراب، وهم حتما لا يثقون بمن يمنحون أنفسهم صكوك الأحقية بحكم البلد بينما هم يمعنون في قتل كل ما هو جميل فيه.