الأخبار
الكم والكيف معطيات يتعانقان في ملف الألغام الحوثية، هذه التركة الثقيلة المتفجرة التي وضعت على صدور اليمنيين لتكتم أنفاسهم وتحجب عنهم طيب الحياة وألقها. ليظل السؤال الجوهري متى يخرج اليمن من عنق زجاجة الألغام الحوثية التي تكبل حياتهم؟.
فلا تزال جهود المملكة العربية السعودية تتواصل لإزالة الألغام المزروعة في اليمن، والتي بلغ عددها حتى الآن 29121 لغما تمكن مشروع مسام من إبطالها، منذ بداية المشروع وحتى 20 ديسمبر الجاري.
ففي الأسبوع الثالث من ديسمبر فقط، انتزع المشروع 46 لغما مضاداً للأفراد، و1459 لغما مضادا للدبابات، و77 عبوة ناسفة، و928 ذخيرة غير منفجرة، ليبلغ إجمالي ما جرى نزعه 2510 ألغام خلال 7 أيام.
ووصفت وكالة أسوشيتيد برس الألغام التي زرعها الحوثيون في أنحاء اليمن بـ”القاتل الخفي” الذي ينتظر اليمنيين حتى بعد عقود من انتهاء الحرب. وقالت الوكالة، في تقرير لها، إن “الألغام الحوثية تتربص بالمدنيين تحت رمال الصحراء المتغيرة، ووسط حطام الطرق في المناطق الحضرية وداخل المدارس المهجورة، وبعضها ينفجر من أخف لمسة”.
ونقلت الوكالة عن مدير عام مشروع مسام السيد أسامة القصيبي قوله إنه “ليس لهذه الألغام خرائط “، وقال القصيبي للأسوشيتيد برس “توجد الألغام بكل مكان في اليمن.. إنها لا تستخدم كآلية للدفاع أو للهجوم، بل لإرهاب السكان المحليين في أنحاء اليمن”.
وقال فريق خبراء الأمم المتحدة في عام 2016، إن الحوثيين استخدموا ألغاما أرضية بعد انسحابهم إثر دحرهم من مدينة عدن جنوبي اليمن.
وذكر تقرير صادر عن خبراء الأمم المتحدة أن الألغام التي زرعها الحوثيون، والتي تشبه نموذجا تم عرضه سابقا في إيران، تم العثور عليها أيضا في البحر الأحمر. وحذر التقرير من أن تلك الألغام تمثل خطرا على سفن الشحن التجارية وخطوط الاتصال البحرية التي يمكن أن تظل لمدة تتراوح ما بين 6 إلى 10 سنوات.
وأشار تقرير أعدته مجموعة “أبحاث تسليح النزاعات” في مارس الماضي إلى تمويه القنابل، التي توضع على جانب الطريق، على هيئة صخور في اليمن، وأن هذا يشبه طرقاً تستخدمها جماعة “حزب الله” في جنوب لبنان، ومتمردون على علاقة بإيران في كل من العراق والبحرين.
وكشف أسامة القصيبي، مدير عام المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن، عن إعادة الحوثيين ضبط وتعديل الألغام المضادة للدبابات، التي كان يتطلب انفجارها في السابق ضغط بوزن يزيد على 100 كلغم، بحيث تنفجر عند الضغط عليها بوزن يقل عن 10 كلغم، مما يعني أنها قد تنفجر إذا خطا طفل عليها.
وذكر القصيبي أن الحوثيين قاموا باستخدام تكنولوجيا توفرها إيران كأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء، وتتبع طرقا مبتكرة كإخفاء القنابل داخل صخور وهمية. أشار إلى أن اليمن الدولة الأكثر احتواءً على ألغام منذ الحرب العالمية الثانية.
اليمن يبذل قصار جهده بمعية أولي العزم والخيّرين على طي صفحة الألغام من دفاتر متاعبه، لكن طي هذه الصفحة يحتاجه حقا لهبة عالمية جادة تقلص مسافات متاعب اليمنيين ووقتهم المهدور من حياتهم مع هذه الألغام والتي وجدت فقط لتهلك الحرث والنسل.