الأخبار
أياد تزرع الألغام بهوس ورغبة جامحة لتقتيل الأبرياء، وأخرى تصل الليل بالنهار للبحث عن فخاخ الموت المتفجر في ربوع اليمن ونزعها وإتلافها، في ظل غياب خرائط تحدد مكان زراعة الألغام تجعل مهمة محاولة إنقاذ الأرواح وإجهاض محاولة نيل هذه الألغام من الأبرياء، في غاية الصعوبة. وهذا حال المشهد في اليمن.
فبحسب تقرير لمركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية فإنه بفعل الهوس الحوثي بزرع فخاخ الموت المتفجر، بات اليمن البلد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط الذي تعرض لكارثة انتشار الألغام، إذ تصدّر قائمة الدول الأكثر حوادث لانفجار الألغام على مستوى العالم، ما يشكل خطرا مستداما على حياة المدنيين.
ولم تستثن الألغام الحوثية أي مكان سواء المصالح العامة أو الخاصة، بما في ذلك الطرقات والمنازل، بل تعدى ذلك إلى البحر، وكذلك مناطق عبور السفن التجارية الدولية لتمثل تهديدا على حركة الملاحة الدولية، وتحديا تسبب في حرمان مئات الصيادين من ممارسة حرفة الصيد على طول الشواطئ اليمنية.
ووفقا لتقارير حقوقية، فإن عدد ضحايا الألغام الحوثية في اليمن تجاوز 10 آلاف يمثل الأطفال والنساء الغالبية الكبرى منهم، وقد نالت تعز النصيب الأكبر من حيث عدد زراعة الألغام وأعداد الضحايا تلتها محافظة الحديدة، ثم محافظة عدن.
في نفس السياق، أوضح مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام بتعز عارف القحطاني لـموقع “26 سبتمبر”، أن ضحايا الألغام بتعز يتجاوز 1755 قتيلا وجريحا منهم 165 طفلا، 117 امرأة، 212 رجلا، فيما توزعت الإصابات بين 291 طفلا معاقا، و194 امرأة معاقة و776 رجلاً معاقا.
من جهة أخرى، أكد المدير التنفيذي للمركز اليمني للألغام فارس الحميري لـ”26 سبتمبر”، أن محافظة تعز هي أكثر محافظة يمنية ملوثة بالألغام الفردية والألغام المضادة للأليات والعبوات الناسفة.
ومخلفات الحرب من مقذوفات غير منفجرة وصواريخ، مؤكدا أن الحوثيين زرعوا الألغام في 18 مديرية من المحافظة من أصل 23 مديرية، حيث ذكر مفصلا “تمت زراعة الألغام، فبعضها زرعت بشكل مموه يصعب اكتشافها، في الطرق الرئيسية والفرعية وفي المنشآت العامة كالمدارس والمرافق الخدمية، وكذلك في المناطق التي يستخدمها السكان قرب مياه الآبار، وفي مناطق مخصصة لرعي الماشية وفي الحقول الزراعية وغيرها من المناطق المأهولة. وقد تم تغيير الخواص الفنية للألغام بحيث تحولت من ألغام مضادة للآليات إلى ألغام فردية بهدف استهداف أكبر قدر الضحايا”.
تبعات الكارثة
على المدى القريب والبعيد ستظل تبعات ومخاطر زراعة الألغام في اليمن، تشكل كارثة متجددة، فعلى المدى البعيد يقول رئيس المركز الأمريكي للقانون والعضو السابق في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الانسان عبد الرحمن برمان لـ”26سبتمبر” مليشيا الحوثي استولت على قرابة 400 ألف لغم من معسكرات الدولة، إضافة إلى ما قامت بتصنيعه بمساعدة الخبراء من الخارج”.
وفي هذه الظروف الموبوءة بالألغام، يعمل مسام على نزع الألغام باليمن، حيث تمكن هذا المشروع الإنساني منذ انطلاقته حتى الآن من إزالة 172 ألف لغم.
وفي محافظة تعز أكد مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام بتعز، عارف القحطاني، أنه تم نزع ما يزيد عن 96 ألفا و300 لغم في تعز، كما أكد على تطهير ما يزيد عن 5 ملايين و432 ألف مترا مربعا، حيث أسهمت عمليات التطهير تلك في توفير البيئة الآمنة للكثير من السكان.
وتشير تقارير حقوقية أن الحوثيين تفننوا في صناعة الألغام بأشكال مختلفة على شكل صخور، حيث يقومون بزراعتها في المناطق الجبلية، وعلى شكل كتل رملية تزرع في الصحاري والوديان، كما صنعت عبوات ناسفة وألغاما تتناسب مع زراعتها داخل العلب والأكياس الغذائية، لتحقق أكبر قدر من الخسائر في الأرواح.
وفي ظل غياب خرائط الألغام المزروعة من قبل مليشيا الحوثي تبقى عملية البحث عن الألغام المدفونة في باطن الأرض مضنية.
وقد طالبت منظمة رايتس رادار مليشيا الحوثي بتسليم خرائط كافة الحقول والمناطق التي زرعتها بالألغام في اليمن خلال السنوات الماضية إلى الحكومة اليمنية وإلى الهيئات والبرامج العاملة في مجال نزع الألغام في اليمن، ودعت الحوثيين إلى التوقف عن زراعة الألغام بكافة أشكالها وأحجامها والكف عن صناعة العبوات الناسفة ومختلف أشكال المتفجرات، وتدمير مخزونها. كما طالبت بالتوقف عن استخدام الألغام وغيرها من العبوات الناسفة والمتفجرات.
كما دعت المنظمة الأمم المتحدة إلى استخدام صلاحياتها في ممارسة الضغط الدولي على ميليشيا الحوثي لوقف زراعة الألغام بكل أنواعها في الأراضي اليمنية. ودعت فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة بمواصلة التحقيق في قضية زرع الألغام وتأثيرها على اليمنيين، بما يكفل إيصال الجناة إلى العدالة وعدم إفلاتهم من العقاب، وتعويض الضحايا والمتضررين.