الأخبار
لا شك أن وجود ما يقدر بمليون لغم في الأراضي اليمنية يعد مشكلة كبيرة لأن إزالة ونزع هذه الألغام ليس بالعملية السهلة ولكنها تحتاج إلى جهود كبيرة ومبالغ مالية طائلة فضلا عن توفير المعدات الفنية اللازمة والخبراء الذين يستطيعون القيام بهذه العملية الخطيرة.
فالوقوف على فوهة بركان، صار التعبير الأقرب لتوصيف الواقع الذي يعيشه اليمنيون والفرق المختصة في نزع الألغام.هؤلاء يسيرون حقيقة على فوهة بركان في ظل وجود هذا الكم الهائل من الألغام المنتشرة بطريقة عشوائية ومموهة على كامل التراب اليمني.
المآسي مستمرة في اليمن لا تنقطع، ففي كل لحظة تسقط ضحية بسبب هذه العلب التي طمرتها الميليشيات الحوثية بحقد لنيل من المدنيين، ومحمد علي عبد الكريم البالغ من العمر 55 عاما ماهو إلا أحد هؤلاء الضحايا، حيث وافته المنية بعد أن فاجأه لغم أرضي زرعه هؤلاء المتمردون في أطراف قرية القهرة بمنطقة مريس شمال الضالع، وتسبب له في إصابات بليغة في أجزاء متفرقة من جسده بينما كان متوجها إلى وادي القرية.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أكثر من 15 مدنيا لقوا حتفهم في أوقات سابقة جراء الألغام الموزعة في أكثر من منطقة على خطوط التماس لمنطقة مريس.
لقد باتت الألغام مبعث خوف لأبناء اليمن فعند تغير خطوط الجبهة يقوم مقاتلو الحوثي بزرع الألغام وإخفائها في التربة والمباني لإزهاق أرواح أكبر عدد ممكن من الأبرياء وتحقيق نصر معنوي لهم. فلطالما تكررت صورة بعض اليمنيين الذين انشطروا إلى نصفين بعدما داسوا على لغم أرضي وآخرين وقد خرجت أحشاؤهم أو فقدوا أطرافهم.
إن هذه الكميات المهولة ستبقى تمثل خطراً مستداما على حياة المدنيين خاصة في ظل تعمد الميليشيات الإنقلابية زراعة الألغام المحرمة دوليا بشكل عشوائي وكثيف في المناطق التي يتم طردها منها، حيث يمكن إيجادها في المنازل والطرق والمرافق العامة، لذلك تتضاعف يوميا خسائر اليمنيين ويدفع المدنيون فاتورة باهظة بسبب هذا الإنقلاب فالحوثيون لغموا البر والبحر بآلاف الألغام ليحرموا بذلك المزارعين والصيادين من ممارسة أعمالهم هذا فضلا على سرقة الأرواح وبتر الأطراف.
وبحسب حقوقيين، فقد ارتكبت ميليشيا الحوثي منذ إنقلابها العشرات من جرائم الحرب، منتهكة القوانين الإنسانية، لكن تبقى زراعة الألغام هي الأكثر إرهابا، حيث تدمر الحاضر وتهدد المستقبل على المدى البعيد، ويحتاج اليمن إلى 10 سنوات على أقل تقدير بعد نهاية النزاع للتخلص من تبعات هذا الإنقلاب.
وفي الوقت الذي تسهر فيه هذه الجماعة على إغراق الأرض ببذور كراهيتها بطمر أنواع مختلفة من الألغام في مناطق سيطرتها وخطوط التماس لاستهداف المدنيين وإعاقة تقدم القوات الحكومية، تواصل فرق نزع الألغام جهودها لتطهير مساحات واسعة من المناطق المحررة حرصا على حماية الأرواح.
وكان المدير العام لمشروع مسام السيد أسامة القصيبي قد أعلن أن الفرق الميدانية نزعت خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 2956 لغم وذخيرة غير منفجرة ليبلغ إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية السادس من سبتمبر الحالي 87781.
لم يعد زرع الميليشيات الحوثية للألغام هدفه إعاقة القوات من التقدم والسيطرة على المناطق التي تفر منها بقدر ما هو الإنتقام وقتل المواطنين وتخضيب الأرض بدماء أبنائها. فهل سيظل المجتمع الدولي متمسكا بدور المتفرج أم أن بوادر الكارثة التي ينزلق نحوها اليمن ستجعله يستفيق من سباته؟.