الأخبار
مع خروج علي عبدالله صالح من الحكم في اليمن، سادت حالة من التفاؤل حيال مستقبل البلاد. لكن ما لبث صالح أن تحالف مع الحوثيين الأمر الذي أدى إلى وأد الأحلام التي نسجها اليمنيون. لقد تشابكت وترابطت مصالحهم حتى حاكت انقلابا مكتمل الأركان على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
انقلاب مازال يعاني اليمن من تداعياته، إذ دخل النزاع في اليمن عامه السادس، ذلك النزاع الذي وضع البلاد في أسوأ اختبار عرفته في تاريخها. فقد قتل الآلاف ورهن ملايين السكان للفقر المدقع والأوبئة علاوة على الألغام التي نغصت حياتهم.
ويحتاج أغلب سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 29 مليون إلى مساعدات عاجلة من بينهم 11.3 مليون بحاجة ماسة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة، فيما لا يحصل 58% منهم على المياه النظيفة ولا يجد 52% مشفى يداويهم وذلك لأن النزاع قوض قطاع الرعاية الصحية إذ تعرض أكثر من 160 مستشفى وعيادة للهجوم.
لقد أجبر الانقلاب الحوثي اليمنيين على خوض كفاح قاس من أجل البقاء، فغالبا ما يعني الفرار من ساحات القتال- أملا في الهرب من جحيم العنف – مغادرة الديار والانقطاع عن الدراسة وفقد سبل كسب العيش وعائلات ينتهي بها المطاف هائمة على وجه الأرض.
إن الوضع الإنساني في اليمن صار بائسا في ظل تزايد خطر المجاعة والأمراض والإصابات حتى أنه بات يقترب من نقطة “اللاعودة”.
وما زاد الطين بلة هو الانتشار الواسع للألغام والتي جادت بها الميليشيات الحوثية بسخاء على الأراضي اليمنية، بل وتفننت في تمويهها لتظفر بأكبر عدد ممكن من الأرواح ولتقف حجرة عثرة أمام السكان والرعاة والمزارعين على حد السواء.
ففي مديرية مدغل، حولت الألغام مساحات واسعة من المزارع إلى حقول موت تحصد الأرواح واحدة تلو الأخرى عدا عن منع المزارعين من استصلاح أراضيهم أو حصد ثمارها.
ورغم اعتماد السكان المحليين على الزراعة كمصدر دخل أساسي لإعالة أسرهم، إلا أنهم أجبروا على ترك مزارعهم عرضة للتصحر بسبب الألغام خاصة في ظل رفض مالكي الجرارات حراثة أراض مملوءة بالألغام والعبوات الناسفة.
وبهدف تأمين حياة اليمنيين وتمكينهم من العودة إلى مزاولة نشاطهم الفلاحي، تواصل الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام مهمتها الإنسانية حيث يعمل الفريق 11 حاليا على تطهير حقل تزيد مساحته عن 5 كيلومترات تمتد من منطقة الطريف إلى منطقة الحاني. وقد تمكن إلى الآن من تأمين 50% من مساحته.
وكان العقيد صالح الطريق قائد الفريق 11 التابع للمشروع قد أكد أن جماعة الحوثي زرعت الألغام والعبوات الناسفة بمختلف أشكالها بكميات مهولة مما حرم الأهالي من استصلاح أراضيهم لأكثر من خمس سنوات.
وأضاف العقيد أن فريقه تمكن منذ بدء العمل في مشروع مسام من تطهير وتأمين 12 حقلا ومنطقة ملغومة في عدد من المناطق بمحافظتي مأرب والجوف نزع منها أكثر من 4 آلاف لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة، مشيرا إلى أن جميع المناطق التي عمل فريقه فيها هي مناطق مرتبطة بحياة المدنيين كونها تشمل أحياء سكنية وأراضي زراعية وآبار مياه ومدارس.
ورغم صعوبة العمل الذي تقوم به هذه الفرق وخاصة فيما يتعلق بتحديد المناطق الملغومة بسبب الزرع العشوائي وعدم وجود خرائط تدل على مواقعها إلا أنها تعمل جاهدة لتجنيب المدنيين مخاطر هذا العدو القاتل.
إن الصلف والقبح الحوثي ظهر في أوضح تجلياته من خلال إمطاره للأراضي اليمنية بفخاخ الموت التي تجاوز عددها المليون لغما.
هذه الجماعة هي من يصنع الإرهاب ويؤسس له في اليمن. وقد استغلت توق اليمنيين للحرية وتسللت لواقعهم بكل خبث ودهاء لتحول حياتهم إلى كابوس متواصل.