الأخبار

قصة الألغام ليست حديثة، إذ لم تبدأ مع الميليشيات لكنها استفحلت معهم. فتاريخها يعود إلى سبعينيات القرن المنصرم بعد أن دخلت البلاد في حرب أهلية جهوية بين الشمال والجنوب.
قصة الألغام المأساوية في اليمن عادت فصولها أكثر سواد مع بداية انقلاب ميليشيات الحوثي التي لم تسع إلى تجريف الحالة السياسية والدينية والثقافية فقط بل ساهمت في تجريف الأرض اليمنية الخصبة ونثر ألغام الكراهية.
الميليشيات منذ أن أعلنت حربها على اليمن، استطاعت السيطرة على المؤسسات العسكرية والأمنية في معظم المناطق ومنها الساحل الغربي الممتد من محافظة الحديدة وحتى باب المندب. ولجأت إلى إفراغ المعسكرات من الترسانة العسكرية بمختلف أنواعها ونقلها إلى المعسكرات الخاصة بها وأخرى قامت بتخزينها في كهوف الجبال.
وكانت الألغام والعبوات الناسفة بمختلف أحجامها وأشكالها وأنواعها أحد أخطر الأسلحة التي وضعت الميليشيات يدها عليها، إضافة إلى الدعم الذي كانت تتلقاه من إيران قبل تحرير مناطق واسعة من الساحل الغربي عبر ميناء الحديدة الذي يعد من أهم الموانئ الرئيسية في اليمن. الأمر الذي جعل شهية الميليشيات تزداد شراهة فأمعنت في زرع المزيد من أسلحة الموت والدمار في المنطقة.
يوما بعد يوم، تبرهن الميليشيات على نواياها الخبيثة وعملها على إطالة أمد انقلابها عبر سلسلة طويلة من التصعيد والتحركات المسلحة خاصة عن طريق سلاحها الغادر المسمى الألغام، ذاك الخنجر الذي غرزته في الجسد اليمني.
هؤلاء المتمردون يسعون من وراء هذا الفعل الإجرامي الماكر إلى قذف الرعب في قلوب السكان لإخضاعهم لسيطرتهم وإحكام قبضتهم على رقابهم، بالتالي ضمان عدم انتفاضهم ضد هذا الفصيل الإرهابي الذي وضع أعباء كثيرة على اليمنيين. ولعل أبشع ما تكبده أبناء هذا الوطن جراء هذا الإرهاب المسعور هو سلب حياتهم التي تسرق يوميا أمام أنظارهم، أما الناجون فقد اضطروا للهرب ليعيشوا حياة النازحين المليئة بصنوف المعاناة والأزمات التي لا تطاق البتة.
سقطت الأقنعة لكن سقوطها اكتمل، وظهر بجلاء أن هناك استهدافا لأمن المنطقة وأن هناك أجندة وراء هذا الانقلاب وفتنة. لذلك ليس فمة أي سبب للحوار معهم ودعوتهم لإيقاف انتهاكاتهم وإجرامهم بحق الشعب اليمني لأنهم لم يحترموا يوما اتفاقا بل عمدوا إلى خرقها جميعها.
هذا عدا عن جرثومة الأفكار التخريبية المتشبعة بها عقولهم وحقائق العمالة والتبعية المسيطرة على تصرفاتهم والموجهة لمواقفهم.
وفي الوقت الذي تسعى فيه هذه الجماعة لتدمير اليمن، تخوض فرق مشروع مسام حربا ضروسا من نوع آخر خصمها فيها الألغام التي عبثت بحياة الأبرياء وبأجسادهم. لقد فتحت سواعد الخير الطريق لعودة الأسر إلى ديارهم علاوة على فك الحصار عن عديد المناطق المنكوبة.
طوال الفترة الماضية، سابقت فرق مسام الزمن لإنقاذ أرواح المواطنين وإبعاد الموت عن طريقهم اعتمادا على الخبرات التي يزخر بها هذا المشروع. كما أن القائمين عليه سعوا إلى توفير إمكانيات وأجهزة حديثة مما جعل عمل الفرق أكثر دقة وفاعلية ونجاعة. لذلك تمكنت الفرق منذ نهاية يونيو 2018 ولغاية الفاتح من يناير الجاري من إزالة 208505 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منها 7120 خلال شهر ديسمبر الماضي إضافة إلى تطهيرها ل 18.117.920 مترا مربعا من الأراضي اليمنية.
لقد قدم مشروع مسام نموذجا مشرفا في مجال العمل الإنساني حيث آثر عاملوه إنقاذ اليمنيين على أرواحهم فكانوا لهم الدرع الذي سيقيهم شرور الألغام ويخلصهم من هذا المصاب.