الأخبار
أينما وليت وجهك في اليمن، فستسمع صرخة، صرخة تهز الكيان وتزلزل الأرض، صرخة مكتومة لا يسمع صداها إلا أبناء اليمن.. تعاقبت الصدمات والأحزان عليهم حتى رمت بهم في بئر سحيق لا قاع له، فصارت تحاصرهم الأفكار المتشائمة وتتقاذفهم الأحداث المتتالية المعقدة فلا يكادون يستفقون من صدمة حتى تصفعهم أخرى.
دموية الحوثيين وسعيهم المستميت إلى بسط سيطرتهم على اليمن والوصول إلى سدة الحكم جعل حياة اليمنيين مثل الكابوس. ففي زمن الدنف الحوثي لا يملك هؤلاء الأبرياء غير أن يتنفسوا وأن يصارعوا من أجل البقاء، ولا يحق لهم التفكير إلا في كيفية انتزاع يوم جديد فقط للحياة، خاصة وأن هؤلاء المتمردين نشروا بذور حقدهم في كل شبر من الأراضي اليمنية التي كانت في يوم ما تشتهر بإنتاج القمح والشعير والذرة لكم الآن باتت تعرف بإنتاج الموت.
لقد امتهنت الميليشيات الحوثية القتل بدم بارد باستعمال الألغام التي زرعتها بكميات هائلة وتفننت في تمويهها للظفر بأكبر عدد من الضحايا.
فالألغام الحوثية تسببت في تمزيق أوصال هذا البلد وتعطيل دواليبه وسفك دماء أبنائه، إذ يعرف هؤلاء المارقين بقدرتهم على التضحية بالجميع في سبيل بلوغ غايتهم والحفاظ على حياتهم، فحتى عندما يجبرون على التقهقر والإنسحاب من أي موقع لا يبرحونه إلا بعد تلغيمه بالكامل غير آبهين بمن يقع ضحية ألغامهم وعادة ما يكون من المدنيين، وهو ما أكده اللواء الركن أحمد الموساي وكيل وزارة الداخلية لقطاعي الشرطة والأمن بقوله “إن المتضرر الأول من الألغام هم المدنيون حيث تعمد الحوثيون زراعتها في الطرق والمزارع والمناطق السكنية وكل ماهو مرتبط بحياة المدنيين في مسكنهم ومعيشتهم”، مشيرا إلى أن الألغام تعد أخطر سلاح يهدد المستقبل ولن تكون هناك حياة آمنة بسبب كثافته.
وتقول العديد من الدراسات أن اليمن يحتاج إلى 10 سنوات كحد أدنى للتعافي مما هو فيه الآن. وهو ما يعني أن هناك 10 سنوات من عمر كل يمني ستمضي هباء، 10 سنوات ستمضي بعيدة عن أحلامه وسعادته وآماله وتطلعاته خاصة وأن الميليشيات الحوثية مازالت مصرة على نهجها الدموي فهي مهووسة بسلب الأرواح وإراقة الدماء.
ولتوفير حاجياتها من الألغام قامت هذه الميليشيات بصناعة الألغام محليا بأيادي خبراء إيرانيين ولبنانيين من حزب الله. وتعتبر هذه الألغام أكثر خطورة من غيرها لأنها وحسب الوكيل الموساي تنفجر من خلال الحرارة أو عند اقتراب أي جسم منها، ثم قاموا بطمرها بمعدلات عالية في مديريات الساحل الغربي ومحافظة الجوف والبيضاء وكذلك مديرية البقع بمحافظة صعدة.
تضييق وحصار خانق يمارسه الانقلابيون على اليمنيين حتى ضاقت الدنيا عليهم واستحكمت حلقاتها فلا يرون مآلهم إلا حالكا، لكن تشبثوا بالحياة من جديد ما إن حط مشروع مسام رحاله في اليمن وتحمل مسؤولية انتشالهم من القاع السحيق وإعطائهم الأمل في غد أفضل عن طريق فرقه الميدانية التي تعمل على تأمين حياة الناس من خلال تطهير الأراضي من الألغام الرابضة تحت أديمها تنتظر ضحيتها بصبر لا مثيل له.
هذه الإستنتاجات تترجمها الأرقام التي أعلن عنها المدير العام لمشروع مسام السيد أسامة القصيبي، حيث تمكنت الفرق الهندسية خلال الأسبوع الثاني من شهر أغسطس من نزع 965 لغم وذخيرة غير منفجرة توزعت على النحو التالي: 458 لغما مضادا للدبابات و15 لغما مضادا للأفراد و490 ذخيرة غير منفجرة وعبوتين ناسفتين، ليصل بذلك مجموع ما تم نزعه منذ بداية الشهر ولغاية يوم 8 منه 2638 مما جعل إجمالي ما وقع إزالته من قبل الفرق منذ انطلاق المشروع ولغاية الثامن من أغسطس الجاري يبلغ 80954 تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة.
هذا الرقم الجد إيجابي يبين الدور الهام لمشروع مسام في تطهير الأراضي اليمنية وتهيئة المناخ المناسب لعودة الحياة.
إن شرعية السلاح لا يمكن أبدا أن تحظى من خلالها بتأييد الشعب أو المجتمع الدولي حتى وإن ساعدتها بعض العوامل والظروف على تحقيق مكسب مؤقت لأن الشعب هو الوحيد المخول لإعطاء الشرعية وليس مجموعة ميليشيات مسلحة. لذا يجب على المجتمع الدولي والمنظمات التحرك لوقف جرائم الحوثيين بحق اليمنيين ومساعدة اليمن على نزع أشواك الانقلابيين السامة.