الأخبار
“نجم عن الانقلاب في اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم.” تكررت هذه العبارة على مسامعنا مرات عدة لكن ما الذي تعنيه هذه الكلمات بالتحديد؟ يمكن أن نفهم هذه الكلمات عندما نرى الأمهات في مخيمات اللاجئين وهن يبذلن قصارى جهدهن من أجل توفير الغذاء لأطفالهن، أو عندما نرى الدمع في مقل الآباء والأمهات وهم يودعون فلذات أكبادهم إلى مأواهم الأخير وقد تحولوا إلى أشلاء جراء الألغام المنتشرة أو وهم ينتظرون في أروقة المستشفيات بحرقة خبر إنقاذ حياة ابنائهم، أو عندما نجد آلاف العائلات في العراء دون مأوى في مدن انهارت فيها البنية التحتية التي تدعم استمرار الحياة الطبيعية، في مدن تراكمت فيها أكوام القمامة في الشوارع وتعطل فيها إمداد المياه أما المستشفيات فلا تعاني من نقص الأدوية والمعدات المنقذة للأرواح فحسب وإنما تعاني أيضا من دمار هائل نتيجة القصف أو التفخيخ.
لا ترك الميليشيات مكانا في اليمن إلا وكانت لها فيه بصمة غير إنسانية. ومثلت الألغام البصمة الأكثر دموية وقتامة. إذ ساهمت في تجريف الأرض اليمنية الخصبة ووأد الحياة فيها.
لقد قامت الميليشيات منذ بداية انقلابها بزراعة الألغام المضادة للأفراد ضد اليمنيين الذين انخدعوا بادئ الأمر بأفكار هذه الجماعة الكاذبة الزاعمة دعمها للثورة ومنحوها الثقة لتلتف فيما بعد كالأفعى على رقابهم وتنفث سمها فيها.
تنوعت وسائل الموت من الألغام بين المضادة للعربات والعبوات الناسفة مما أسفر عن وقوع المئات من المواطنين الأبرياء قتلى عدا عن إصابة آخرين بإعاقات دائمة. إذ شرعت الميليشيا في تحويل زراعة الألغام إلى أسلوب تهديد وفزاعة لنشر الخوف والرعب لليمنيين مع كل منطقة تخسرها، فاتسعت رقعة الأراضي المزروعة بالألغام لتشمل في البداية محافظات لحج والضالع وأبين وشبوة وامتدت شمالا إلى محافظة تعز والبيضاء ومأرب لتنتهي بتفخيخ أكثر من 15 محافظة.
إن خطر الألغام كبير وواسع حيث أصبحت مشكلة الألغام مشكلة رئيسية تهدد حياة المدنيين ومستقبلهم. إذ أن تكون هناك حياة آمنة نتيجة كثافة الألغام التي زرعتها هذه الجماعة بطرق عشوائية في الطرق والمزارع والمناطق السكنية وكل ما هو مرتبط بحياة الناس في مسكنهم ومعيشتهم.
إن الميليشيات الانقلابية تستغل صمت المجتمع الدولي عن جرائمها لتواصل خروقاتها لاتفاقية السويد بقتل المزيد من اليمنيين والتنكيل بهم من خلال إقدامها على تفجير المنازل وتشريد سكانها.
وقد جددت هذه الجماعة فعلتها الأسبوع الفارط حيث فجرت 13 منزلا سكنيا بمحافظة تعز. وتتصدر هذه المحافظة طليعة المحافظات اليمنية من حيث ضحايا تفجير المنازل بأكثر من 150 منزلا من إجمالي 816 منزلا تم تفجيرها.
الميليشيات زجت باليمن في محرقة الألغام دون أن يرف لها جفن، لذلك يسعى مشروع مسام إلى تطهير أراضي اليمن كافة من مخلفات الألغام والذخائر غير المنفجرة التي أودت بحياة الآلاف من أبناء هذا البلد وذلك بإشراف من كوادر ذات خبرات عالمية.
وقد تمكنت إلى حد الآن من إزالة 208505 ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة. كما أنها نفذت مؤخرا عملية إتلاف وتفجير لـ1810 لغم وعبوة ناسفة في منطقة باب المندب بالساحل الغربي.
وتعمل فرق المشروع بوتيرة متسارعة لتمكين السكان من استعادة حياتهم المسلوبة والعودة إلى منازلهم التي شردوا منها قسرا.
تبقى الألغام أكبر مهدد لحياة الإنسان والحيوان في الحاضر والمستقبل حيث أن بقاءها سيتسبب في حصد مزيد الأرواح وفي أضرار مادية جسيمة. لذلك يبقى هذا البلد في حاجة ملحة لجهود إنسانية دولية ضخمة لتطهيره من هذه الآفة.