الأخبار

لسنوات طويلة ظل اليمنيون بلا صوت، يحتكر تمثيلهم مشايخ ونافذون وزعامات قبلية. حتى حل الـ11 من فبراير 2011 ليشكل محطة فارقة في تاريخ اليمن وليرتفع صوت اليمنيين عاليا لأول مرة ليذكر النخبة الحاكمة وليصدح بصوت عال: “أنا الشعب”.
لقد أظهر الشعب اليمني للعالم توقه ليمن جديد عبر عنه شعارهم الشهير في ساحات الثورة:” الشعب يريد يمن جديد”. هذه الثورة مثلت فرصة لا تعوض للحوثيين لتحسين صورتهم والاندماج في المجتمع والقبول بمساره في التغيير للآخر. لكن تتابع الأحداث وانكشاف حقيقتهم لمن لا يعرفهم بتحالفهم لاحقا مع من ثار الناس ضده أظهر أنهم لم يكونوا معها حقا وإنما لديهم مشروع مغاير كليا لتطلعات اليمنيين يختزل الحكم في سلالة معينة ويمنحها أفضلية التفوق على غيرها، وذلك بدعم خارجي معلوم المصدر.
بانقلابهم على الوطن وشرعيته وإيلائهم الأولوية لمصالحهم الضيقة على حساب بلدهم، أقاموا سلطة زائفة وأسسوا لجمهورية الخوف والإرهاب. هكذا يبدو، فهذه الجماعة لا تتمكن من رؤية اليمن إلا عبر عدسات الإرهاب والدعس على رقاب أبنائه.
ست سنوات خلت منذ انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية على السلطة الشرعية عانى خلالها اليمنيون الويلات، ودخلت البلاد في دوامة صراع مستمر ما تزال رحاه تدور في أغلب المناطق تقوده الألغام والمتفجرات الحوثية التي اكتوت القلوب بنيرانها حيث حرمت أمهات من رؤية أبنائهن يكبرون أمام أعينهن، وسرقت ابتسامة الأطفال بعد أن بترت أطرافهم وباتوا غير قادرين على العيش مثل أترابهم على سطح هذا الكوكب، كما اجتثت طفولة العديد ورمت بأجسادهم في حضن التراب الذي صار الحضن الدافئ لهم بعد أن تخلت هذه الجماعة عن آدميتها وتحولت إلى وحوش تنهش كل ما يدب على أرض هذا البلد الطيب.
لقد أجمعت عدة تقارير لمنظمات حقوقية دولية على أن الحوثيين تعمدوا زراعة هذا الكم الهائل من الألغام وتسببوا في تفخيخ منازل ومزارع المواطنين وبمصرع وتشويه الآلاف وإعاقة عودة عدد كبير من النازحين إلى ديارهم وتعطيل الحياة في عدد من المحافظات المحررة فقط من أجل إقامة حكم يقوم على أفكارهم البغيضة ويخدم مصلحة حليفتهم.
لقد وقع اليمن في مصيدة الألغام التي نصبتها أيادي الخسة فأضحت أخبار سقوط الضحايا الخبز اليومي لليمنيين، جراحهم لا تندمل بل لا تعرف طريقا حتى ليخف ألمها.
هو جرح مفتوح منذ أن هوى ظل هذه الجماعة على الواقع اليمني. لذلك تعمل في اليمن منظمات أجنبية وعربية ووحدات من القوات العسكرية المناهضة لميليشيات الحوثي على انتزاع الألغام من المناطق المحررة. إذ تتلف شهريا آلاف العلب المنفجرة فيما تواصل عملها في اكتشاف مواقع هذا القاتل الذي يعكف في أديم الأرض ينتظر ضحيته.
ويأتي مشروع مسام في مقدمة هذه المشاريع، حيث لا يعمل فقط على تطهير الأراضي اليمنية من الألغام وإنما يحاول وضع آلية دفاع يمنية وذلك بنقل الخبرة للكوادر اليمنية.
وتمكنت فرق المشروع خلال الأسبوع الرابع من شهر ديسمبر من إزالة 1352 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة عدا عن تطهير 227710 متر مربع لترتفع حصيلة نزع الألغام في شهر ديسمبر إلى 5820.
هذا وكان مشروع مسام قد نفذ عملية إتلاف وتفجير لـ250 لغم كانت قد زرعتها ميليشيات الحوثي في الطرق والمناطق الآهلة بالسكان في مديرية خب والشعف الواقعة شمال محافظة الجوف.
ستحتاج عملية تخليص اليمن من الألغام إلى سنوات عدة، لذلك تعتبر فرق مسام نفسها في صراع مع الوقت، ففيما تعمل هي على إزالة هذا الوباء من المناطق المحررة لازالت ألغام أخرى تزرع في الجهة المقابلة وهو ما يتطلب موقفا حازما لإجبار هؤلاء المتمردين على إيقاف عربدتهم وإجرامهم تجاه المدنيين.