الأخبار

الألغام هي الوباء الذي تتركه الحروب بعد انتهائها لتواصل فتكها بالأبرياء فيروح ضحيتها سنويا آلاف الأشخاص. هذا الوباء هو ما اعتمدته الميليشيات الحوثية في حربها على أبناء اليمن وأسفر عن نتائج كارثية حيث سرقت حياة الآلاف وأحالت آلافا آخرين على الإعاقة بعد أن بترت أطرافهم أو تسببت لهم في الشلل.
لقد فخخت هذه الميليشيات المنازل والمزارع والطرقات والمدارس.. مما أدى إلى مقتل وتشويه الآلاف وتعطيل الحياة في عديد المحافظات علاوة على قيامها بزراعة ألغام أرضية على طول الساحل وعلى الحدود مع السعودية وحول المدن الرئيسية وعلى طول طرق النقل المرتبطة بصنعاء من أجل إنشاء أطر دفاعية أو تمهيد الطريق للتراجع.
هذه السياسة جعلت من اليمن بلدا ملغوما وهو ما أكده في وقت سابق مدير المركز الوطني لمكافحة الألغام العميد الركن أمين العقيلي في إحدى تصريحاته حين قال إن اليمن تعرض لأكبر عملية لزرع الألغام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبح بالتالي البلد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي تعرض لكارثة انتشار الألغام، مضيفا أن هذه الكمية المهولة لاتزال تشكل خطراً مستداما على حياة المدنيين وهو ما ترجمته الإحصائيات والتقارير، وكذلك ما يتجسد يوميا على أرض الواقع، إذ لم يسلم من بذور الموت هذه حتى ملائكة الرحمة حيث قضى مسعفان نحبهما وأصيب سائق سيارة الإسعاف في مدينة حيس جنوب الحديدة وذلك إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها المتمردون في الخط العام وكان المسعفون في طريقهم لإنقاذ جريحين من أهالي المدينة الذين استهدفهما سلاح قناصة الميليشيات الحوثية المتمركزة في المنطقة.
لقد صارت فرص نجاة أبناء اليمن في بعض المناطق المعرضة لويلات إجرام الحوثيين تتضاءل، حيث ستواصل هذه الجماعة استهدافهم بكل الإمكانيات العسكرية التي تقدر عليها، وما زراعة الألغام إلا أسلوب واحد من بين الأساليب التي تعتمدها الميليشيات لقتل المزيد من المدنيين وهدر دمائهم البريئة التي ليس لها ذنب غير وجودها في عهد الانقلاب الحوثي.
وقد زادت وتيرة هذه الأعمال الإجرامية خاصة منذ تضييق الخناق عليها من قبل الجيش الوطني وقوات التحالف، إذ لا تتوانى فرق الموت في تخضيب أرض هذا البلد بالدماء باستخدام الألغام أو القنص أو القصف وقد أقدمت هذه الأخيرة على قصف مخيم العليلي للنازحين الواقع بمدينة الخوخة في ساعة متأخرة مما أدى إلى إصابة طفل ذي 7سنوات بجروح خطيرة فيما بترت ساق أخته البالغة من العمر 9سنوات وهو ما يعتبر تعد صارخ على كل المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية.
لكن رغم عتاد الميليشيات الحوثية وإصرارهم على تدمير اليمن وتسويته بالأرض مازالت فرق مسام تسعى بكل جهدها إلى إزالة قوالب الموت المتربصة بالمدنيين، فقد أعلن مدير عام مشروع مسام السيد أسامة القصيبي أن الفرق الميدانية التابعة للمشروع نزعت خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر 795 لغما وذخيرة غير منفجرة منها 267 لغما مضادا للدبابات و5 ألغام مضادة للأفراد و513 ذخيرة غير منفجرة و10 عبوات ناسفة ليبلغ إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية 4 يوليو الجاري 74910 تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة.
لقد استجابت المملكة العربية السعودية لنداء الإنسانية وبعثت الأمل في نفوس اليمنيين عن طريق مبادرتها “مسام” لكن هذا المجهود يجب أن يلاقي دعما من المجتمع الدولي لمساعدته على تخليص هذا البلد الموبوء من الألغام التي زرعت بكثافة وعشوائية. فهذه القضية صارت مؤرقة للحكومة والمواطنين على حد السواء خصوصا أن زراعتها جرت بطريقة غير منظمة وغير موثقة بخرائط وهو ما يمثل حجرة عثرة لكشفها والتخلص منها.