الأخبار
اليمن هذا البلد الواسع بجغرافيته.. الضيق بخياراته.. الكبير بماضيه.. المتواضع بحاضره.. العريق بتاريخه.. المهمش بمآلاته.. المترع بأحلامه.. الكئيب بإخفاقاته.. هذه الثنائيات تمثل فسيفساء قصة اليمن عبر التاريخ، لكن رغم المآل المأساوي لهذا البلد المثخن بالجراح، إلا أنه مازال مصرا على البقاء ومقاومة عوامل الفناء بصلابة شعبه وحبه للحياة.
لا شيء في اليمن يريد أن يكبر ويتسع سوى الأوجاع والمقابر التي تتكاثر والموت الذي يتربص بملايين اليمنيين واليمنيات. فمن لم يقض نحبه بسبب المرض والجوع، مات بسبب الموت المتفجر المدفون تحت الأرض، الذي نال من الأخضر واليابس.
فما يحدث في اليمن تمزيق ممنهج للدولة الوطنية ونسف لكل مفاهيم الحرية والعدالة وقيم التعايش والمجتمع الديمقراطي.
فالميليشيات تسعى من وراء هذا الإرهاب الغاشم إلى توجيه رسائل شديدة الوضوح حول مساعيها الخبيثة، فهي تخوض حرب “اللاعودة”.
وتشكل الألغام تهديدا خطيرا للحياة في اليمن منذ عقود لكن تضاعف خطرها بطريقة جنونية بعد انقلاب الميليشيات، حيث لم تكتف الأخيرة بسرقة سعادة اليمن بالحرب التي تشنها على الأرض والشعب بل واصلت لتكون أول مهدد لاستمرار الحياة عن طريق صناديق الموت.
تفجير للمنازل والمساجد والمدارس وقتل الأبرياء بدم بارد عن طريق الألغام المنثورة بطرق عشوائية والمدفونة بين ثنايا الأرض الهادفة لإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا، نهج الألغام التي استوطنت مداخل المدن والقرى وشوارعها وأحيائها السكنية حتى تحول أكثر الأطفال في بعض مناطقها إلى معاقين جراء الإرهاب المدفون تحت الأر ض.
لقد أصبحت فواجع سقوط الضحايا نتيجة الألغام الخبز اليومي لليمنيين، وصار الحزن ملازما لملامحهم، لكن الأيادي الخيرة لمسام حلت باليمن لتمسح الدموع المنهمرة بسبب مقتل المدنيين ولتزيح الغمة التي جثمت على صدور ذويهم حتى ضاقت قلوبهم، ولتستأصل الورم الخبيث الذي ألم بالأراضي اليمنية.
وفرق مسام الهندسية المسكونة بالخير وحب العطاء الإنساني، عملت منذ أن وضعت أقدامها على الرقعة الجغرافية اليمنية على إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة، إذ توزعت فرق هذا المشروع في المناطق المحررة لإبطال مفعول العلب القاتلة، وها هي تواصل مثابرتها الإنسانية لانتشال الإنسان اليمني من المستنقع المتفجر الذي رمي فيه عنوة.
فشعار مشروع مسام “إنقاذ للحياة”، هو رمز لعقيدته الإنسانية وإيمانه بحق الإنسان في حياة آمنة، وهو ما تكافح أسرته المتماسكة من أجل لتحقيقه.
فأعضاء فرق مسام يخوضون يوميا معركة ضروسة ضد الألغام مخاطرين بحياتهم من أجل هدفهم النبيل هذا، فتطهير الأراضي اليمنية من الألغام والذخائر غير المنفجرة التي لها عواقب وآثار وخيمة على الأرض والمجتمع هدف مسام المنشود ليعيد للمجتمع اليمني نبض حياته المسلوب.. هذا المجتمع الذي مازال ينتظر الخلاص من هذا الوباء، في الوقت الذي يراقب فيه المجتمع الدولي وضعه بصمت.