حولت الألغام في اليمن مهنة رعي الأغنام في مديريات الساحل الغربي إلى مهنة محفوفة بالمخاطر بعد أن كانت مرتبطة لعقود من الزمن بأكثر الناس المحبين للسلام.
وبحسب خبراء الألغام فإن أهم الأسباب في ارتفاع ضحايا الألغام في اليمن، هو أن الألغام صنعت أو تم تمويهها بأشكال وأحجام مختلفة وتم التفنن في إخفاء زراعتها بحيث يصعب على المدنيين اكتشافها أو التعرف عليها، بالإضافة إلى تعمد زراعتها في المناطق المرتبطة بحياة المدنيين.
المزارع زيد إبراهيم ونجله رضوان
نموذج لضحايا كثر أوقعهما الحوثيين عمدا بشراك ألغامهم، قطيع من الأغنام كان كل ما يمكله زيد لإعالة أسرته، يواظب على رعايته يوميا وهو يقصد المراعي في منطقة كهبوب التابعة لمديرية ذباب.
يذهب صباحا ويعود مساء، وعلى هذه الحال ضل حتى كتب له أن يصبح نجله معاقا في واحدة من أسوأ تدبيرات الإرهاب الحوثي.
برفقة نجله رضوان قصد المواطن زيد طريقا ملغوما وماهي إلا بضع خطوات حتى وقعت رجل رضوان على لغم فردي بترت على إثرة رجله اليمنى ليضاف إلى سجل المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، ويتضاعف بذلك أعباء المواطن زيد في مواجهة متطلبات الحياة المعيشة المتدهورة بالأساس.
وفي منطقة العمري التابعة لمديرية ذباب، يسرد الشاب محفوظ ثابت لمكتب مسام الإعلامي تفاصيل وأحداث قصته مع الألغام والتي لا تختلف كثيرا عن مأساة الطفل رضوان، فجميهم سقطوا في شراك الألغام أثناء قيامهم برعي الأغنام مصدر رزقهم الوحيد.
يقول ناجي تعرضت لعدة كسور في أطرافي العلوية والسفلية بسبب لغم انفجر بي في محيط جبل العمري.
يصف الشاب ناجي معاناته مع الإصابة بقولة “أصبحت عاجزا عن ممارسة أي عمل لقد اقعدتني الإصابة.. وحرمتني من ممارسة الكثير من الأعمال، فجسدي لم يعد قادرا على تحمل أدنى مجهود”.
أضحت الألغام حربا مؤجلة تواجه اليمنيين، فجماعة الحوثي زرعت أعدادا كبيرة من الألغام تجاوز المليون لغم، خلفت وراءها عددا كبيرا من الضحايا.
هذه الآفة قد لا تحتاج لوقت طويل لزراعتها لكنها في المقابل تتطلب مدة طويلة لنزعها.
ومع ذلك، يبقى مشروع مسام الضوء الذي يبعث الأمل في نفوس اليمنيين للتخلص من علب الموت. وإيجاد يمن خالي من الألغام في مهمة إنسانية كبيرة تعد الأكثر خطورة وتعقيد.