الأخبار
لليمن تاريخ طويل مع الألغام كانت أبرزها حرب “الجبهة” أو المناطق الوسطى في الثمانينات، والحروب بين الشطرين الشمالي والجنوبي خلال 1972 و1979 والتي انتهت صيف 1994.
هذه النزاعات خلفت كما هائلا من الألغام أدت إلى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح. لكن تظل الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي منذ 2015 في أنحاء متفرقة من اليمن وقبلها في صعدة منذ 2014 الأخطر على حياة اليمنيين نظرا لكثافتها.
لقد تسببت الألغام في حرمان الناس من الغذاء ومن مصادر المياه ومن مصادر رزقهم، حيث قتلت مواشيهم من أغنام وماعز وأبقار عدا عن منعهم من الولوج إلى مزارعهم وممارسة نشاطاتهم. إذ تشير الإحصائيات إلى أن 25% من الأراضي الزراعية ملغومة فيما وثقت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا منذ سبتمبر 2014 وحتى بداية سبتمبر 2018 مقتل نحو 1593 مدنيا بالألغام الحوثية. أما في عام 2017 فقد تسببت هذه الآفة في قتل وإصابة نحو 2450 مواطن يمني. كما أسهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية في مختلف أنحاء البلاد التي باتت تشهد أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم.
فلطالما عمدت الميليشيات الحوثية خلال فترة انقلابها المستمرة منذ ما يقارب ال6 سنوات نثر بذور حقدها من ألغام وعبوات ناسفة في المناطق التي يخسرونها، وذلك لسببين ظاهرهما لمنع تقدم خصومهم وباطنهما لاستهداف المواطنين. وأدت الألغام المزروعة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق إلى مقتل وإصابة آلاف الأشخاص. وقد أودت خلال الفترة الممتدة من 2018 وأبريل 2019 بحياة 140شخصا في محافظتي الحديدة وتعز من بينهم 19 طفلا.
ولعل آخر هذه الحوادث المؤلمة حادثة مقتل الطفل بكيل النعيمي البالغ من العمر 11 ربيعا الذي كان بصدد رعاية الأغنام في مزرعتهم الكائنة بوادي ملح أين فاجأه لغم أرضي زرعته الميليشيات إبان المعارك التي دارت في المنطقة عام 2016.
لقد اقتصر استخدام الألغام على جماعة الحوثي بشكل حصري. إذ تشير التقارير إلى أن هناك أكثر من مليوني لغم أرضي في 15 محافظة يمنية تنوعت بين ألغام مضادة للأفراد وأخرى للمركبات إضافة إلى الألغام البحرية حتى غدا هذا البلد يجثو فوق أكبر حقل ألغام في العالم.
ورغم ما تقدمه المنظمات من توقعات حول عدد الألغام المنتشر في اليمن فإنها تبقى أرقاما غير مؤكدة ولن يتم كشف حقيقتها إلا بعد أن يتوقف النزاع، حينها ستظهر آثارها للعلن.
وإيمانا بضرورة تخليص اليمن من هذه الكارثة التي احتلت مساحات واسعة من الأراضي وباتت تهدد حياة الناس هناك، تواصل فرق مشروع مسام العمل بكل جهد لإنقاذ المدنيين من شرها. وقد تمكنت منذ 30 مايو ولغاية 4 يونيو من إزالة 852 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة توزعت على النحو التالي: 700 ذخيرة غير منفجرة و150 لغم مضاد للدبابات ولغمين مضاديين للأفراد. لترتفع بذلك حصيلة ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية 4 يونيو إلى 168155.
يعيش أبناء اليمن أسوأ أيام حياتهم بسبب الانقلاب الذي قضى على آمالهم في الظفر بحياة آمنة نتيجة الاستخدام الغير المسبوق للألغام في أماكن متعددة ودون خرائط مما جعل خروجهم لقضاء احتياجاتهم عبارة عن رحلة موت.