الأخبار

أعظم وأبشع ما قدمه العالم من آليات الدمار العسكرية يدوسها المواطن اليمني برجليه دون أن يعي وجودها لتعيث فسادا في جسده. هدية مسمومة أكرمت بها الميليشيات الحوثية الأراضي اليمنية. فالألغام الحوثية لعنة حلت باليمن وحولته إلى كومة خراب وإلى عدد من المواطنين ذوي احتياجات خاصة.
لقد سرقت الألغام أطرافهم وحرمتهم من حياة طبيعية واختلست أحلامهم وباتت المقصلة التي تتحين الفرصة لتقطف رؤوس الأبرياء. فالمواطنون في اليمن يحصدون الحقد الذي زرعه المتمردون في أرضهم، ويدفعون ثمنه من أرواحهم وأجسادهم.
فخلال إجالة النظر هناك تلمح شهودا على الإجرام الحوثي الذين نجوا من الموت، لكن خرجوا بإصابات بليغة ومعاناة تلخص مأساة البلد الذي تسعى الميليشيات الإيرانية إلى تجريده من حاضره ومستقبله.
وتجسد قصة الطفلة شروق حسين قيزع ذات 12 ربيعا دليلا على إرهاب الميليشيات الحوثية، حيث قتلت بانفجار لغم زرعته أيادي الشر في مديرية موزع غرب محافظة تعز أثناء جمعها للحطب.
كما قضى مزارع نحبه نتيجة انفجار لغم أثناء قيامه بحراثة مزرعته في منطقة حيمة بمديرية التحيتا جنوب الحديدة، جاء ذلك بعد ساعات من مقتل طفل وإصابة آخرين في إنفجار عبوة ناسفة بمنطقة الجبلية بمديرية التحيتا.
وكانت ميليشيات الحوثي قد اعترفت بزراعتها لما يتجاوز 2500 حقل ألغام في منطقة المنظر والمنصة جنوب غرب الحديدة، مؤكدة بذلك نواياها السوداوية التي تضمرها للشعب اليمني.
بعد ما يزيد عن خمس سنوات من الحرب العبثية التي تشنها العصابة الحوثية تبدو حصيلة الضحايا ثقيلة جدا، في حين تهدد الأزمة الإنسانية غير المسبوقة ملايين السكان. حيث تقول الأمم المتحدة أن نحو 14 مليون شخص أو نصف سكان اليمن سيواجهون قريبا المجاعة. في حين ذكر برنامج الغذاء العالمي أن أكثر من 15 مليون نسمة يعانون “أزمة” أو “حالة طارئة” وأن العدد قد يزيد إلى عشرين مليونا ما لم تصلهم معونات غذائية بشكل ثابت. هذا إضافة إلى إصابة نظام الرعاية الصحية وأنظمة الصرف الصحي بشلل مما أدى إلى تفشي الأوبئة والأمراض.
كما يعد النزوح أحد أكبر عواقب النزاع في اليمن إذ فر المواطنون من منازلهم بسبب الألغام المزروعة في كل شبر من قراهم ومزارعهم وطرقاتهم …علاوة على الانتهاكات التي يمارسها هؤلاء الانقلابيون في حقهم من قنص وقتل وخطف لأطفالهم…الأمر الذي جعلهم يتركون مساكنهم ويهيمون في الأرض بحثا عن مكان قد يبدو آمنا لهم.
لقد زرعت ميليشيات الحوثي أكثر من مليون لغم وعبوة ناسفة في الأراضي اليمنية ومازالت ماضية في هذا النهج التدميري رامية بجميع الأعراف والقوانين والمعاهدات الدولية خلف ظهرها وقد أعطاها الصمت الدولي على جرائمها صك الموافقة على فظاعاتها، لذلك تجدها تتفنن في نفث سمها وتبدع في تمويهها.
لكن ظل مشروع مسام يمثل العقبة التي أعاقت تحقيقها لعدد من أهدافها بفضل جهود القائمين عليه والعاملين فيه وإيمانه الراسخ بحق اليمنيين في حياة آمنة. حيث تمكن من تحقيق إنجاز إنساني جيد بعد أن استطاع إزالة 100 ألف لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة من اليمن في مدة لم تتجاوز السنة والأربعة أشهر رغم الصعوبات والعراقيل والتهديدات التي واجهتها الفرق الميدانية وكذلك القائمين عليه.
وكان مدير العلاقات والتنسيق في مشروع مسام السيد محمد الولص قد صرح أن هذه الألغام والذخائر غير المنفجرة تم نزعها من 5 محافظات، مشيرا إلى أنه تم إزالة 17 ألف لغم وعبوة ناسفة من محافظة الجوف لوحدها.
إن العمل في مجال نزع الألغام ما هو إلا مثال للتضحية التي يقدم عليها شخص متشبع ومؤمن برسالة نبيلة تنص على حق الإنسان في الحياة وفي بيئة آمنة، عكس المجموعة الإرهابية التي تعمل بكل جهدها على تخريب اليمن واستباحة دماء أبنائه بهدف بسط سيطرتها وبلوغ الحكم بقوة السلاح ومشيا على جثث أناس ذنبهم الوحيد أنهم وجدوا في عهد الإجرام الحوثي.