الأخبار
نظرات حزينة، صرخات صامتة ودموع منهمرة من مقل نفوس متعبة بسبب الجرائم التي ترتكبها الميليشيات في حق الشعب اليمني. عام يجر بعده عام وأبناء اليمن يدورون في حلقة مفرغة. سنوات من الجدب عادت بهذا البلد عشرات الخطوات إلى الوراء.
لقد بات اليمن أكبر حقل ألغام. وقد كان الهدف الأبرز الذي تسعى الميليشيات لتحقيقه بأي ثمن هو نسف هذا البلد غير آبهة بحياة السكان الذين كانوا الضحية الأولى لتلك الجرائم الإرهابية التي زرعت بذورها هذه الجماعة.
فالأعداد والكميات الكبيرة من الألغام والعبوات الناسفة والقذائف التي زرعها الحوثيون في حقول عشوائية وأخرى منتظمة كانت كفيلة بتحويل اليمن إلى أحراش أين بلغت الجريمة مداها وصار الدم مباحا، إذ بات القتل والتشريد والتجويع يمارس دون قيود أو تأنيب ضمير. ومن لديه أدنى شك في ذلك ما عليه إلا النظر مليا إلى ملامح اليمنيين والتمعن في الكم الهائل للأشخاص الذين فقدوا أطرافهم وتشوهت أجسادهم نتيجة الألغام اللعينة التي غزت الأراضي اليمنية.
لذلك سعى مشروع مسام لتخفيف معاناة الشعب اليمني من خلال تسخير أجهزته وطاقته لانتزاع هذا الوباء الذي زرعته الميليشيات الحوثية التي لا تعرف سوى ثقافة الموت والتدمير.
وقد دفع المشروع ثمن هدفه الإنساني من أرواح عامليه، حيث استشهد قائد الفريق 30 مسام الخاص بجمع القذائف إثر إصابته في انفجار لغم مضاد للأفراد أثناء تأدية واجبه في منطقة الهاملي بمديرية موزع غرب محافظة تعز، هو بطل من أبطال هذه الملحمة الإنسانية التي تبحث عن زرع الحياة وسط جحيم الموت الذي غطت به ميليشيات الشر التراب اليمني.
لقد قدم مشروع مسام لحد اليوم 21 شهيدا وأكثر من 16 جريحا أغلبهم خسروا أطرافهم فقط في سبيل تأمين حياة أناس أبرياء والقيام بمهمتهم الإنسانية التي تعتبر الأكثر خطورة وتعقيدا باعتبارهم يتعاملون مع عدو خفي كامن تحت الأرض ينتظر فريسته بكل هدوء وصبر.
لكن هذا الخطر الداهم لم يمنع فرق المشروع من مواصلة عملهم بإصرار أكثر. وقد تمكنت خلال الأسبوع الثاني من شهر أبريل الجاري من نزع 1433 لغم وذخيرة غير منفجرة ليصل مجموع ما وقع نزعه منذ بداية الشهر ولغاية 16 منه إلى 2834.
وتوزع ما تم نزعه خلال الأسبوع ذاته على النحو التالي: 1132 ذخيرة غير منفجرة و11 عبوة ناسفة و263 لغم مضاد للدبابات و27 لغم مضاد للأفراد. وهو ما جعل العدد الكلي لما تم إزالته منذ انطلاق المشروع ولغاية 16 أبريل الحالي إلى 161238 لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة.
لقد دمرت الألغام هذا البلد وأودت به إلى أسوء أزمة إنسانية في العالم. فهي لم تسرق حياة أبنائه وأطرافهم وحسب، وإنما جردتهم من مساكنهم وأمنهم وحرمتهم من تحصيل قوتهم.