الأخبار

حول الانقلاب اليمن إلى جحيم مستعر لكافة أبنائه، لقد صار اليمن اليوم عنوانا للتعاسة بعد أن كان يوصف بالسعيد، فرغم فقره المادي وعدم امتلاكه لثروات نفطية باطنية فقد امتلك تاريخا حافلا امتدت جذوره لسنوات غابرة بما لا يمكن للذاكرة الإنسانية تجاهله.
لكن هاهو اليمن يبلغ كارثة إنسانية غير مسبوقة زادت في حجم معاناة اليمنيين وقلصت من قدرتهم على التحمل والثبات في وجه كل محاولات التدمير التي تجنح لها الميليشيات التي تدفع باليمن إلى الأخطر.
لقد بات المشهد اليمني اليوم غارقا في الخراب المادي والمعنوي، إذ يمكن وصف الوضع بالأقرب إلى العصور القديمة من ناحية الفقر والجوع والأوبئة التي اجتاحت قدرات اليمنيين والمستضعفين واستنزفتها.
فالأصوات التي تحذر يوميا من كارثة إنسانية في اليمن لا تدرك فظاعة المشهد ولا تدرك أن الكارثة باتت أمرا واقعا امتدت تداعياتها إلى أعماق اليمن.
كارثة تهدد الأجيال المتعاقبة التي لم تعرف معنى الشبع في غذائها ولا الاستقرار في حياتها ولا الأمن في معيشتها ولا الارتواء في مائها. أجيال من الأطفال والشباب الذين سلبت طفولتهم وتسربت أحلامهم من بين أيديهم، بعد أن أصبح أغلب الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات يعانون من سوء التغذية والمئات منهم سلبت المقذوفات والألغام حياتهم في جريمة إنسانية بشعة وذلك من خلال الاستهداف المباشر للأسواق والمناطق المأهولة بالسكان.
هذا الانقلاب دفع بجيل كامل نحو الجحيم بإشراكهم قسرا في حرب لا يعلمون عنها شيئا إضافة إلى اعتقال عدد منهم استنادا إلى مزاعم هذه الجماعة.
من جهة أخرى، تتعرض المدارس والمنشآت التعليمية في اليمن للقصف المستمر والتفخيخ من قبل الميليشيات فضلا عن تحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية مما حرم الأطفال من تحصيلهم العلمي.
ومن الأوجه الأخرى لمعاناة الأطفال، الذين لم يتذوقوا حلاوة الحياة لكنهم يتجرعون مرارتها في كل دقيقة، انخراطهم في سوق الشغل بصفة مبكرة ليتمكنوا من توفير الحاجيات الأساسية لذويهم بعد ساعات طويلة تحت أشعة الشمس أو زخات المطر أو غبار الطرقات الذي استقر على وجوههم الكالحة غير مبالين بالألغام المنتشرة في كل مكان ولا بالقصف أو الخطر الذي يحاصرهم ويتسبب في سقوط ضحايا.
وقد أعلن المرصد اليمني للألغام عن سقوط طفلان ضحية للألغام في مديرية الغيل غرب الجوف وإصابة ثالث، وقد سبق أن أشارت تقارير حقوقية إلى مقتل نحو ألف شخص جراء انفجار الألغام الأرضية خلال ثلاثة أعوام ونصف في 19 محافظة يمنية.
ونتيجة لهذه الأرقام التي تبقى غير دقيقة نظرا لصعوبة الوصول إلى عدة مناطق وتحديد الخسائر بها، يحاول العاملون التابعون لمشروع مسام نزع أكبر قدر ممكن من بذور الشر التي نثرتها الجماعة الإنقلابية على التراب اليمني في محاولة لإنقاذ أرواح ليس لها ناقة ولا جمل في هذه الحرب العبثية.
لقد نجح الحوثيون وممولوهم في جر اليمن إلى مستنقع لا تلوح له حتى الآن نهاية، أنجر عنها معاناة ومآسي لا حصر لها، لكن يمكن أن تلمح نتائجها في مقل الأمهات والأطفال الذين فقدوا سندهم وكذلك من خلال أكوام الركام وكمية الخراب الذي لحق بهذا البلد الجريح.