لا تزال الألغام التي زرعتها المليشيات الحوثية بكثافة في محافظة الحديدة تخلف المآسي وتقتل الأبرياء في كل مكان، على شاطئ البحر وعلى قارعة الطريق، حتى في فناء المنازل، موت يتوسد التراب، ويظهر فجأة ليخطف الأرواح ويمزق الأجساد ويفصل الأعضاء عن بعضها لتبقى الإعاقة هي الرفيق الدائم للكثيرين في رحلة الحياة الصعبة.
المواطن عثمان محمد عبدالله، من أبناء مدينة الصالح، شرق مدينة الحديدة، متزوج وأب لثلاث إناث، بُترت قدمه، وقتلت إحدى بناته، وأصيبت أخرى بجروح، وبترت ساقي أخوه، وفقدت أمه حاسة السمع، إثر انفجار لغم زرعته المليشيات في فناء منزله.
يتحدث عثمان بحرقة عن الجريمة قائلا: نزحت من منزلي خمسة أشهر كاملة، تعذبت فيها كثيراً، ولم أستطع إيجاد مكان للعيش فيه أنا وأسرتي، حاولت العودة إلى بيتي في مديرية الحالي، بعد أن سمعت أنها قد تحررت من سيطرة الميليشيات.
ويضيف عثمان، بكل حزن وبؤس قائلاً: “رجعت إلى منزلي فرحا بعد التحرير، جلست في المنزل ثلاثة أيام و كانت الألغام مدفونة تحتنا، ولم نكن نعلم، وبينما كنت أضع ابنتي على الأرض في فناء المنزل، انفجر بنا لغم، إحدى بناتي ثناثر جسدها أشلاء وفارقت الحياة على الفور، أما الأخرى فقد أصيبت بشظايا في بطنها، وأمي فقدت سمعها وأنا بترت قدمي، وبعدها بأيام انفجر لغم أرضي بأخي توفيق وبترت ساقيه، ويعاني الآن من حالة نفسية صعبة بسبب الإصابة والتي على إثرها هجرته زوجته”.
يتحدث عثمان بألم وهو يروي لنا تفاصيل قصته مع الألغام بقوله “لقد تحولت فرحتي بالعودة إلى منزلي بعد غياب قسري طويل إلى مأساة حزينة ومؤلمة للغاية، لقد أخذت منا ألغام الميليشيا حقنا في الحياة”.
كثيرة هي جرائم الألغام وما أسرة عثمان إلا واحدة من مئات الأسر التي فتكت بها الألغام الحوثية، قتلى وجرحى ومشردين، وما تزال مآسي سقوط ضحايا الألغام تتكرر كل يوم ولم تتوقف، في قرى ومدن محافظة الحديدة بالساحل الغربي.
وبرغم الإنجاز الكبير والملموس الذي حققتها فرق نزع الألغام التابعة لمشروع مسام في محافظة الحديدة بشكل خاص والساحل الغربي بشكل عام، إلا أن الألغام لازالت تتربص بحياة الآلاف من اليمنيين في كل لحظة، بل أضحت كابوسا يرافقهم في مناطق عيشهم، سواء في تحركاتهم اليومية أو في المزارع ومناطق رعي المواشي.
لقد أدت هذه الافة إلى حدوث مآسي لا حصر لها ولا يمكن سرد أو وصف واقعها على المواطنين أو جروحها التي لن تندمل مع الزمن.
وإدراكا لخطورة الوضع في اليمن وبحثا عن سبل لتأمين حياة الناس من شر هذه الكارثة، تسابق فرق مسام المنتشرة في محافظة الحديدة الوقت حتى لا يقع المدنيون فريسة لهذه الألغام أو على الأقل التقليل من عدد الضحايا.
وقد تمكنت بالفعل من تطهير العديد من المناطق وإعادة الحياة لها بعد أن ظلت جامدة لشهور وسنوات.
ولقد استطاع الفريقان 7 و26 مسام العاملين في محافظة الحديدة من تأمين 70٪ من مساحة مديرية الخوخة، بالإضافة إلى تنفيذ أعمال طوارئ في مديريات التحيتا وحيس والدريهمي والحالي وقد تمكنت فرق مسام من خلالها من فتح وتأمين طرق وممرات أمنه وتامين منازل ومدارس ومزارع وأبار مياه، وغيرها.
ووفقا لمشرف فرق مسام الهندسية بمحافظة الحديدة المهندس سامي سعيد، فقد تمكنت فرق مسام في مديرية الخوخة من تأمين قرى موشج، اليابلي، والقطابة بالإضافة إلى فتح وتأمين 46 مزرعة ومدرستين وبئري ماء.
كما تمكن الفريقان 7 و26 مسام بتأمين الشريط الساحلي الذي يمتد من منطقة موشج حتى القطابة.
وقال المهندس سامي سعيد إن جميع المناطق التي أمنتها فرق مسام الهندسية في مديريات الخوخة وحيس الدريهمي والحالي، جميعها مناطق حيوية مرتبطة بحياة المدنيين حيث تشمل مناطق سكنية ومساحات زراعية ومناطق رعي وطرق رئيسية وفرعية وابار مياة وغيرها.
ونوه المهندس سامي سعيد أن 85% من مساحة محافظة الحديدة موبوءة بالألغام، وبأن غالبية المناطق الملغومة لازالت مناطق صراع ولا تستطيع فرق مسام التدخل فيها، منوها بأن فرق مسام الهندسية على استعداد كامل لتأمين كافة المناطق المحررة والتي يستطيع فيها النازعين العمل بشكل آمن.