الأخبار

إن الألغام الأرضية والعتاد غير المنفجر هما فريدان من حيث قدرتهما التدميرية العشوائية، حيث تدوم طويلا وتظل موجودة حتى بعد انتهاء الصراعات التي استخدمت فيها، ويبقى خطرهما قائما يهدد جيلا بعد جيل من المدنيين وخاصة الأطفال. إذ تظل مخبأة في الحقول والطرقات والمراعي والمنازل والممرات إلى أن تدوسها أقدام شخص خانها الحظ لتتسبب في انفجار مميت.
وتشكل الألغام الأرضية خطرا على الأطفال نظرا لأنها تمثل عنصر جذب لهم نتيجة تصميماتها وألوانها المثيرة للاهتمام. وتحدث الألغام خللا شديدا على جميع الأنشطة، فهي تحول دون الوصول إلى المنازل والطرق والمدارس والمرافق الصحية والخدمات الأساسية علاوة على عدم بلوغ الأراضي الزراعية والآبار مما أدى إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي.
إن استخدام الألغام يعد انتهاكا لجميع بنود اتفاقية حقوق الطفل تقريبا: حق الطفل في الحياة والعيش في بيئة آمنة، حقه في التمتع بالصحة والحصول على مياه نقية وعلى التعليم…فطفولة اليمن أصبحت عنوانا للمعاناة وللمظلومية حيث اختزلت كل حروف الأوجاع والألم.
لقد اقتلع الحوثيون الأطفال من عالمهم الوردي ورموا بهم على أسرة الموت في مشاهد تدمي القلوب ليحتضن التراب ضلوعهم الصغيرة بحنان لم يجدوه في قلوب أناس فقدوا آدميتهم وإنسانيتهم فقط ليصلوا إلى سدة الحكم.
أطفال اليمن الحزين الذين تهالكت أجسادهم وارتعشت أوصالهم ووهنت عظامهم البارزة بينوا للعالم مدى بشاعة الواقع هناك وكأنهم يعاتبونه عن سكوته إزاء ما يعانونه من انتهاكات.
على صعيد آخر، وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات وقوع 514 انتهاكا ارتكبته الميليشيات الحوثية خلال الفترة الممتدة من 1 أكتوبر 2019 وحتى 10 من الشهر نفسه في المحافظات اليمنية التي تقع تحت سيطرتها أو بالمدن التي لازالت تتعرض لهجمات من قبل عصاباتها المسلحة.
وتوزعت الانتهاكات بحق اليمنيين بين القتل والإصابة والخطف والقصف العشوائي على الأحياء الآهلة بالسكان والقنص المباشر وزرع العبوات الناسفة والتهجير القسري وتقويض سلطات الدولة وزراعة الألغام ومداهمة المنازل وترويع المواطنين ونقل السلاح إلى الأحياء السكنية إضافة إلى إغلاق دور العبادة ونهب وتفجير المنازل.
وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن من بين تلك الانتهاكات 51 حالة قتل بينهم 14 طفلا و6 نساء. كما تسبب هؤلاء المتمردون بمقتل أسرة كاملة مكونة من 5 أفراد (أب وأم و3 أطفال) في منطقة حزيز بمحافظة صنعاء أثناء مطاردتهم.
هذا وأوضحت الشبكة أن فريقها رصد 34 حالة إصابة بينهم 7 أطفال و5 نساء كما وثق وقوع 187 حالة انتهاك طالت الأعيان المدنية في 4 محافظات هي تعز والحديدة والضالع وإب مشيرة إلى أن الانتهاكات الحوثية لم تستثن المنشآت ودور العبادة والجمعيات الخيرية وتوزعت كالتالي: حالة تفخيخ وتفجير منزل شيخ قبلي بمنطقة العود و52 حالة تضرر لمنشآت خاصة بشكل جزئي و46 بشكل كلي إضافة إلى 43 حالة مداهمة ونهب لمنازل مواطنين و34 حالة إغلاق لمحلات تجارية و3 حالات تمترس بالمنشآت السكنية والأحياء الشعبية وتخزين الأسلحة فيها.
كما أغلقت الميليشيات 4 دور عبادة ومراكز تحفيظ القرآن وحالتي إغلاق مدارس تعليمية وثلاث حالات قصف لمزارع مواطنين وحالتي استهداف لسيارات إسعاف.
هذا عدا عن استمرار هذه الجماعة الانقلابية في زراعة الألغام الأرضية والألغام المضادة في الأحياء السكنية والطرق العامة بشكل عشوائي مما يجعل المدنيين عرضة للموت والخطر.
إن الجرائم الإنسانية التي ترتكبها هذه الفئة المتمردة ليست جرائم جنائية فردية بل هي جرائم منظمة بحق الإنسانية وجب على المجتمع الدولي وقفها ووقف تداعياتها ومسبباتها وإلا سيلاحق عار الخذلان كل من وقف متفرجا على ما يحدث الآن في هذا البلد الذي خضبت حبات رماله بدماء أبنائه.