الأخبار
للموت الذي تسببه الألغام في اليمن طعم مختلف، وقد وصفه البعض بالإٍرهاب القاتل، والموت بدم بارد، والموت المدفون تحت الأرض والإرهاب المتفجر ووغيره، ولكن كل من يلتقي أهل اليمن المنكوبين في وطنهم وأنفسهم وذويهم وفلذات أكبادهم، ويسمع قصصهم المؤلمة، يدرك أن الألغام في اليمن ألبست الموت حلة القهر والمرارة وسقت كل من تجرع من كأسها حنظلا معتقا.
ولعل من المناطق اليمنية الذي هاج وماج فيها هذا الضرب نذكر مديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز، وهي واحدة من مئات المناطق التي طالتها أيدي الميليشيات الحوثية، والتي هجر أبناءها ودمرت بنيتها وفخخت أراضيها بالآلاف عن طريق الألغام والعبوات الناسفة.
وقد شرب العديد من اليمنيين مرارات هذا الموت المتفجر في اليمن، ومنهم المواطن علي أحمد على البوكري، من أبناء مديرية الوازعية، الذي هجرته المليشيات قسرا من قريته ومنزله ومزرعته لأكثر من 3 أعوم، وهو نموذج بسيط للآلاف من القصص المأساوية التي طالت المدنيين بسبب ألغام الحوثيين.
وهنا يروي علي البوكري لمكتب مسام الإعلامي قائلا “الميليشيات حولت مديرية الوازعية إلى مسرح لعملياتها العسكرية واستخدمت مبانيها العامة والخاصة، ثكنات عسكرية، وهو ما لم يستطع السكان المحليين مواجهته أو التعايش معه، واضطروا للنزوح لتجنيب أطفالهم و نسائهم ويلات الحرب وليصونوا حياتهم من بطش الميليشيات”.
ثم واصل المواطن علي البوكري سرد حكايتة بقوله “بعد ثلاثة أعوام من النزوح تمكن أبطال الجيش والمقاومة من تحرير مديرية الوازعية، حينها قررنا أن ننهي فصول المعاناة والتشرد والنزوح وبدافع الحنين والشوق عزمنا على العودة لمنازلنا غير مدركين بأن فرحتنا بالعودة لن تكتمل، فقد تركت لنا الميليشيات قاتلا خفيا على شكل لغم أو عبوة ناسفة في منازلنا وعلى ممرات طرقنا وداخل مزارعنا بهدف قتلنا أو إعاقتنا وهو ما تحقق بالفعل”.
وبوجع وألم كبير يقول علي البوكري “لقد فقدتُ والدتي بلغم فردي زرعته المليشيات على بعد أمتار من منزلنا، وقتل معها أخ زوجتي أثناء محاولته إنقاذها بلغم آخر، وسقط المئات من أبناء قريتي بين قتيل وجريح ومعاق بفعل الألغام التي زرعتها المليشيات عمدا في دروب المدنيين بدون ذنب ارتكبوه وإنما بدافع الانتقام من المدنيين الرافضين لمشروعها الدموي”.
وأكد المواطن علي البوكري أن أكثر من 20 قرية ومنطقة سكنية بمركز مديرية الوازعية فقط، فخختها الميليشيات بشكل كامل بالألغام بشتى أنواعها وأحجامها، وبطرق وأساليب مدروسة تثبت بأن ميليشيات الحوثي مجرّد عصابة مارقة تتغذى على دماء اليمنيين وهدفها الوحيد هو القتل والتدمير والخراب.
أيام حالكة السواد عاشها المواطن علي البوكري مع الألغام وانحبست ذكرياتها في صدره، وبثت فيه ولازالت حزنا عميقا، وهو ما عبر عنه بقوله “لقد عشنا مع الألغام أصعب أيام حياتنا وأكثرها قسوة ورعبا حتى جاءنا الفرج ووصلت فرق مسام الهندسية لتأخذ بأيدينا إلى بر الأمان، حيث أزالت عن معظم قرى ومناطق الوازعية عتمة الظلام الذي خيم على المديرية بدافع روح الإنسانية، وقد قدمت فرق مسام الهندسية جهودا كبيرةً ومستمرة تمكنت من خلالها في فترة وجيزة من تأمين منازلنا ومصادر معيشتنا وإنهاء الحصار الذي فرضته الألغام الحوثية على المديرية لتستطيع منظمات الإغاثة الإنسانية والفرق الطبية من الوصول إلى قرى ومناطق الوازعية ومساعدة أبنائه.
هم الألغام ومرارات الموت الذي تسوقه للأبرياء، كرب يسعى مسام لمحاولة الدفع بأسبابه نحو الزوال من خلال إزالة الألغام من كل ربوع اليمن.