الأخبار

كأغصان خضراء يافعة تم فصمها عن مهدها هكذا هم أطفال اليمن الذين يلقى بهم على أسرة الموت عنوة لتغفو أعينهم للأبد ويحتضن التراب ضلوعهم بحنان لم يجدوه لدى أناس فقدوا آدميتهم خلال رحلة بحثهم عن السلطة.
ففي الوقت الذي يكافح فيه الأولياء لتحقيق أهدافهم وتوفير مستلزمات أطفالهم للإستمتاع بحياتهم، يتعرض اليمنيون لمشاكل جمة تقض مضاجعهم وتزيل السكينة من قلوبهم وتعبث باستقرارهم وتهدد مستقبلهم فأصبحت حياتهم مزيجا من الألم والأسى ليدخلوا في نفق مظلم لا يعرف أوله من آخره.
عندما تقع عيناك على أطفال اليمن يعتريك شعور بالحسرة والشجى لما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد وتعجز عن ذرف دموع علها تخفف من هول المشاهد حيث ترى أجسادا متهالكة وعظاما واهنة بارزة التي تغطيها جلود مترهلة من شدة الجوع وأجسام نالت منها القذائف والألغام ونخرتها.
عبد الواحد ناصر المطوع الطفل ذو التسع سنوات واحد من عدد يتزايد باستمرار من ضحايا الأطفال للألغام الأرضية، حيث أصيب جراء انفجار لغم أثناء رعيه للأغنام. لا يتذكر عبد الواحد الكثير عما حدث فقد كان يوما عاديا خرج فيه لرعي الأغنام كما تعود أن يفعل لكنه لم يكن يعلم أن لغما كان يترصد حركاته وينتظر خطوة خاطئة منه ليرحب به وينخل جسده.
لقد أصبح الوضع كارثيا في اليمن في ظل إصرار الميليشيات الحوثية على زراعة الألغام في مختلف المناطق لتتسبب في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين ثلثهم من الأطفال.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود أنه بهدف منع تقدم قوات الشرعية تم زرع الألغام والعبوات المتفجرة بين الطرقات والحقول، إلا أن الضحايا الرئيسيين الذين طالتهم هذه الأخطار القاتلة لم يكونوا سوى المدنيين الذين تعرضوا للقتل أو فقدان الأطراف أو التشوهات التي ستبقى تلازمهم مدى الحياة.
وفي هذا السياق أكد فهيم القدسي، المدير التنفيذي للمنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة “أن أكثر من 10 آلاف مواطن تقدموا خلال العامين الماضيين للتسجيل في صندوق المعاقين، مشيرا إلى أن إعاقتهم ناجمة عن الانقلاب الذي يشهده البلد، مبينا أن أكثر الجرحى هم ممن فقدوا جزءا من أجسادهم وأطرافهم ليعيشوا بإعاقة دائمة ومع الإعاقة ما بقي لهم من حياة”.
لقد أصبح كل يمني يمشي بحذر شديد خوفا من انفجار لغم في أحد الطرقات التي يسلكها ليلقى نفس المصير الذي واجهه العديد من أبناء بلده.
لم يعد زرع الألغام من قبل الميليشيات الحوثية هدفه إعاقة القوات من التقدم والسيطرة على المناطق التي تفر منها بقدر ماهو الهدف منه الإنتقام وقتل المواطنين في مساكنهم وقراهم حيث تعمدت الجماعة طمر بذور حقدها في الحقول والبيوت والمزارع والطرقات والمراعي والوديان والمباني السكنية وحتى النخيل.
لكن رغم ذلك ستنزع الألغام من كل شبر من اليمن وسينبت مكانها الزرع والزهور والعشب رغما عن أنف المتمردين الذين فخخوا المستقبل بعبوات حقدهم بعد عجزهم عن إحكام سيطرتهم على الأرض والشعب .سيرتاد الأطفال مدارسهم والمزارعون حقولهم والعملة مصانعهم بيد أنهم سيتذكرون دموية الحوثيين عند إمعان النظر في ضحاياهم.