الأخبار

دولة يمنية حديثة ديمقراطية مستقرة وموحدة ذات مؤسسات قوية تقوم على تحقيق العدالة والتنمية والعيش الكريم للمواطنين وتحمي الوطن واستقلاله وتنشد السلام والتعاون المتكافئ مع دول العالم، هذا هو الحلم الذي راود اليمنيين والذي خرجوا من أجله، لكن جرت رياح الحوثيين بما لا تشتهيه سفينة اليمنيين حيث تسارعت الأحداث بشكل خطير لم ينذر فقط بتأزم الوضع أكثر وإنما باستمرار نزيف الدم.
وكلما اشتد الخناق زاد العويل أكثر.. هذا هو حال الميليشيات المتربصة باليمن والتي لم تدخر جهدا لتدمير هذا البلد ونسف تاريخه وحاضره ومستقبله. ولطالما كان سلاحها المفضل لتحقيق هذا الهدف هو الألغام التي أغرقت بها هذه الأرض الطيبة.
إحصائيات وأرقام صادمة عن زراعة الألغام في اليمن، أحالت هذا البلد الذي وصف تاريخيا بـ”السعيد” إلى أكبر دولة ملغومة بعد الحرب العالمية الثانية، ما يجعل جهود نزعها والتخلص منها مهمة في غاية التعقيد والخطورة.
وتشير تقديرات مشروع مسام ومشروع ACLED المتخصص في جمع وتحليل بيانات مناطق النزاع حول العالم إلى أن ميليشيات الحوثي زرعت نحو مليون لغم أرضي بطريقة عشوائية منذ بداية انقلابها ومازالت مستمرة في هذا العمل الإجرامي حتى الآن كجزء من استراتيجيتها لإعاقة تقدم القوات الحكومية باتجاه مناطق سيطرتها وكذلك للانتقام من اليمنيين الذين رفضوا وجودها وسياستها القذرة.
إن قائمة ضحايا الألغام في ازدياد طالما استمرت الأرض ملوثة بالألغام ومخلفات الحرب وطالما واصلت الميليشيات الحوثية زراعتها بهذا التفنن والخبث.
فلكل لغم منفجر قصة مأساوية لعائلة حيث يجتث فرحتها وحلمها وأملها ويصيره حزنا وألما يعتصر صدور أفرادها ناهيك عن الأضرار الأخرى التي تلحق بالأسرة والمجتمع، خاصة وأن هذه الجماعة تتعمد زراعة أشواكها السامة في المناطق الآهلة بالسكان والمزارع والمراعي والطرقات.. لتتصيد أكبر عدد ممكن من المدنيين ولتضيف أسماء جديدة إلى قائمة ضحاياها على غرار عارف علي محمد الحميقاني وصالح ناصر حسين علي الحميقاني اللذين قضيا نحبهما بعد انفجار لغم فيهما فيما أصيب ثالثهما وذلك بمديرية الزاهر غرب محافظة البيضاء.
في ظل هذا الوضع الكارثي الذي يرزح تحته اليمن بسبب الانتشار الواسع للمتفجرات، تعمل فرق مشروع مسام على التقليص من عدد ضحايا هذا الوباء من خلال تخليصم منه.
لذلك تجد عاملي المشروع، رغم الصعوبات التي تواجههم أثناء قيامهم بواجبهم، لا يأبهون لها ويعملون جاهدين لإزالة الألغام. فهم في سباق مع الزمن، فمع كل ثانية تمر هناك إمكانية لسقوط ضحية وهناك إمكانية لوأد حلم أو مواراة طفل الثرى.
هذه الصور المأساوية والقصص الحزينة، جعلت مشروع مسام يتمسك أكثر بإنجاز مهمته الإنسانية بعزيمة فلاذية وهمة تصافح عباب السماء.
وبفضل هذه الجهود، تمكنت الفرق الميدانية التابعة للمشروع من إزالة 182228 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة. هذا العدد يعتبر عدد الأرواح التي تم إنقاذها من هذا الوحش الكاسر.
لقد رهن الحوثيون حياة الشعب اليمني لفائدة مصالحهم ومصالح حليفتهم دون أن يعطوا اهتماما لأثر هذا العمل على الإنسان اليمني وعلى حاضر ومستقبل البلد الذي آواهم وجعل من تربته بساطا لهم، لذلك سمموا أرضه ببذور الموت وأطلقوا عنانها لنيل من أبناء وطنهم.