الأخبار
دوي المدافع يكاد يصم آذانهم، أزيز الطائرات يروع قلوبهم، وانفجار الألغام يهز أجسادهم ومشاهد القتل والدمار شريط يتجدد أمام أعينهم كل يوم، هذا ما يعيشه أطفال اليمن. أما إخوانهم من أطفال العالم فيشاهدون مشدوهين على شاشات التلفاز نقلا حيا لفصول انقلاب قاده فصيل إجرامي يسعى إلى التدمير وزعزعة أركان الدولة والسيطرة على حكم ليس من حقه.
وما بين من يعيش الانقلاب ومن يشاهد، تضيع طفولة أطفال اليمن وتزداد معاناة شعب بأسره. إن خطر آثار هذا الانقلاب ليس ما يظهر منه الآن بل ما سيظهر لاحقا في جيل كامل ممن نجوا وقد حملوا معهم مشكلات نفسية وجسدية لا حصر لها.
قد يسهل الحديث عن الآثار التي تصيب أطفال اليمن خلال مدة الانقلاب الحوثي الذي قضى على ابتسامة الطفولة وصيرها حزنا ملازما لملامحهم، وتلاعب بأجسادهم الغضة بقذائفه وألغامه وحولها إلى قطع متناثرة، وزرع طريقهم بأشواك الحقد بدل تعبيدها لتسهيل وصولهم إلى مدارسهم، عدا عن غسل أدمغة النشء باستخدام مناهج تعليمية متطرفة عوض العلوم والآداب، لكن تبقى تجارب الآباء والأمهات مع هؤلاء الأطفال هي التحدي الذي تواجهه كل أسرة.
فكيف يمكن أن تتعامل أم مع طفل فقد أطرافه جراء انفجار هذه العلب القاتلة أو انهار البيت المجاور ومات الجيران والأصدقاء الذين كان يلعب معهم نتيجة تفخيخ منازلهم؟.
يبدو أن الواقع المعيش أكثر تعقيدا من كل النظريات والتنظير خاصة في ظل الإصرار الحوثي على إطالة أمد الانقلاب حفاظا على مصالحه الضيقة، وهو أمر يكبد السكان كلفة باهظة للغاية.
ففي الأيام الماضية، شنت ميليشيات الحوثي الإرهابية أكثر من 78 اعتداء متفرقا في محافظة الحديدة فقط، استهدفت المناطق السكنية وهو ما يؤكد النية المبيتة لقتل المدنيين.
كما لجأت هذه الجماعة إلى تفجير المنازل في سياق التهجير القسري وإرهاب وتركيع السكان والانتقام من الخصوم. وقد وثقت الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل أكثر من 816 حالة في 17 محافظة يمنية وذلك خلال الفترة الممتدة من 1 سبتمبر 2014 وحتى 30 يونيو 2020.
وتعد محافظة تعز الأكثر تضررا بتفجير 151 منزلا تليها محافظة البيضاء بـ124 منزلا ثم محافظة إب بـ120 منزلا. وتوزعت بقية المنازل التي فجرها المتمردون بالترتيب كالتالي حجة، لحج، دمار، صنعاء، الضالع، مأرب، الجوف، عمران، شبوة، الحديدة، أبين وصعدة إضافة إلى عدن وحضرموت.
لقد أودت الألغام والعبوات الناسفة بحياة الآلاف من المدنيين فيما لاتزال البقية تهدد حياة الملايين الآخرين عدا عن تسميمها للأرض التي غصت بها مما حرم الأهالي من مزارعهم ومصادر المياه.
لذلك يمثل العمل على إزالة الألغام الحوثية سفرا من أسفار الإيثار والتضحية بالنفس حيث تبذل جهود ضخمة من قبل مشروع مسام لاستئصال الإرهاب الخبيث. ففي أحدث الإحصائيات، تمكنت فرق مسام الهندسية خلال الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر من نزع 1346 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة ليصل بذلك مجموع ما وقع إزالته منذ 28 نوفمبر الماضي ولغاية 18 ديسمبر الجاري إلى 4468 علاوة على تطهير 877203 مترا مربعا من الأراضي اليمنية خلال ذات الفترة.
عمت الفوضى والانفجارات كل المناطق اليمنية وسقط على إثرها المئات من السكان بين قتلى ومصابين ومعاقين، فيما حوصر الآخرون وأصبحوا غير قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية نتيجة الأعداد الكبيرة للألغام والمتفجرات الحوثية التي احتلت أرض اليمن.