بين التقتيل والتهجير والعجز والترهيب وشل الحياة في أدق تفاصيلها تتلاعب الألغام بالواقع اليمني ساحبة إياه إلى قاع الهاوية، وجاعلة الكارثة التوصيف الدقيق لصنيع اللألغام باليمن اليوم.
فجرائم الألغام التي زرعتها الميليشيات في اليمن لا تعرف التوبة، فمنذ بداية العام 2022، تسبتت علب الموت المتفجر في مقتل 47 مدنيا بينهم طفلين، فيما جرح 58 مدنيا آخرا بينهم 5 أطفال وإمرأتين.
وقد برزت مديرية حريب جنوب محافظة مأرب، كأكبر حقل ألغام في المحافظات الشرقية، حيث أقدمت المليشيات على تفخيخها بالألغام والعبوات بعد أن اجتاحتها في أكتوبر الماضي، قبل أن يتم دحرها منها نهاية يناير، مخلفة آلاف الألغام والعبوات.
ووفقاً للمرصد اليمني للألغام، فإنه منذ بداية يناير وحتى 14 من الشهر ذاته، رصد سقوط 38 قتيلا وإصابة أكثر من 50 أخرين، بسبب الألغام الكثيفة التي زرعها الحوثيون بمديريات عسيلان وبيحان وعين بمحافظة شبوة، وفي حريب جنوب مأرب.
ولا يختلف الأمر كثيرا في محافظة الحديدة، التي حوّلتها الميليشيات إلى أحد أكبر حقول الألغام على مستوى اليمن، ولا يكاد يمر شهر دون سقوط ضحايا من المدنيين.
ففي 15 يناير، انفجر أحد هذه الألغام بمديرية الخوخة جنوبي الحديدة مما أدى إلى استشهاد الطفلين خالد عبده حلبي (15سنة) وياسر أحمد ضلافي (17 عاما).
وفي 23 يناير، أصيب ثلاثة أطفال هم عادل علي جماعي (10 سنوات)، وموسى حسين (12 سنة)، ويوسف حسين جماعي (14 سنة)، على إثر انفجار لغم بهم أثناء رعيهم للأغنام في قريتهم الحنجلة بمديرية حيس.
وفي ذات اليوم، استشهد عاملين اثنين وأصيب ثالث من موظفي شركة النفط بالحديدة نتيجة انفجار لغم حوثي بمنطقة الكيلو 10 جنوب شرق مدينة الحديدة.
واليوم التالي (الأربعاء 19 يناير) توفي المواطن حسن هادي أبو نيبة، متأثرا بجراح أصيب بها جراء إنفجار لغم حوثي بسيارته أثناء مروره في الطريق الصحراوي بمنطقة اليتمة بمحافظة الجوف.
وبعدها بيومين (في 21 يناير) قتل المواطن زياد علي الشامي، إثر انفجار لغم حوثي على الطريق الصحراوي الواصل من منطقة اليتمة شمال الجوف بمحافظة مأرب، وفقا للمرصد اليمني للألغام.
ويوم 9 يناير، انفجرت شبكة ألغام حوثية بـ5 سيارات مدنية كانت تقل مسافرين على الطريق الصحراوي الرابط بين مديريتي حريب وبيحان، ونتج عنها إصابة 3 من المسافرين بإصابات بالغة، فيما تعرضت سياراتهم لأضرار جسيمة بينها سيارتان، تدمرت بشكل شبه كلي.
وقد حذرت منظمة ميون لحقوق الإنسان من تلوث جميع مناطق عسيلان وبيحان في محافظة شبوة بالألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة، بما في ذلك المناطق السكنية.
ولغمت ميليشيا الحوثي مديريات بيحان بشكل مكثف قبل دحرها.
وأكدت المنظمة في بيان سقوط أعداد من المدنيين قتلى وجرحى في تلك المناطق جراء انفجار الألغام، مشيرة إلى تقارير رصد حقوقية، أطلعت عليها، عن مقتل 5 مدنيين وإصابة آخرين خلال 48 ساعة الماضية.
وضمت ميون صوتها إلى الأصوات الداعية لتريث النازحين في العودة إلى منازلهم في بيحان وعسيلان حتى يتم تطهيرها من الألغام والعبوات الناسفة ومخلفات الحرب.
وطالبت في بيانها الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام باستنفار جهودها في مديريات بيحان وعسيلان وعين لنزع الألغام من المناطق السكنية حتى يتمكن النازحون من العودة لمنازلهم وممارسة المواطنين أنشطتهم الحياتية بأمان، كما طالبت ميليشيا الحوثي بتسليم خرائط زرع الألغام في مديريات بيحان للمساعدة على حفظ أرواح المدنيين.