الأخبار
لم تدخر الألغام في اليمن المنكوب بالإرهاب الملغوم، أي جهد أو وقت في إلحاق الأذى باليمنيين، وإشاعة الموت والهلع بين المدنيين الأبرياء، حيث تغولت أداة الموت المتفجرة هذه وأمعنت في إراقة الدماء وإباحة التقتيل بدم بارد دون رقيب أو حسيب.
أعداد قتلى الألغام وضحاياها من العاجزين، مجرد أرقام زئبقية لا يعرف لها ماهية دقيقة البتة، فلا توجد إحصائية رسمية محدثة بعدد ضحايا الألغام في اليمن، ومن الصعب الوصول إلى رقم حقيقي، لأن الميليشيات لا زالت مستمرة في زراعة الألغام، وفخاخ الموت المتفجر هذه ماضية في حد الضحايا دون توقف.
وفي هذا السياق، بينت تقارير حقوقية أن عدد ضحايا الألغام الحوثية في اليمن يتجاوز 10 آلاف، حيث يمثل الأطفال والنساء الغالبية الكبرى، وقد نالت محافظة تعز النصيب الأكبر من حيث عدد زراعة الألغام وأعداد الضحايا تلتها محافظة الحديدة، ثم محافظة الجوف.
حيث لم ترحم الألغام لا صغيرا ولا كبيرا ولا امرأة ولا رجلا، فالكل مستهدف وملاحق من قبلها في أي مكان، فخاخ الموت تتربص بضحاياها على امتدادات وساعة بسبب زراعتها بطريقة عشوائية خاصة في المناطق عالية التأثير.
ففي مديرية الوازعية وموزع، أكد مشرف فرق مسام الهندسية في تعز المهندس، عارف القحطاني في تصريح سابق لمكتب مسام الإعلامي رصد سقوط 1755 ضحية بسبب الألغام، منهم 165 طفلا، 117 امرأة، و212 رجلا، فيما توزعت الإصابات بين 291 طفلا معاقا، و194 امرأة معاقة و776 رجلا معاقا.
وقد وزعت الألغام مآسيها على أهل اليمن، وربطتهم بقيد الهلاك حينا والرهبة منها حينا آخر، وفي هذا السياق تعتبر محافظة الجوف بحسب منظمات وتقارير محلية، من المحافظات اليمنية الأكثر تضررا من الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي، بشكل عشوائي في المزارع، والطرقات، ومنازل المواطنين، والقرى الآهلة بالسكان طيلة السنوات الست الماضية.
ووفقا لتقرير صادر عن مكتب حقوق الإنسان في محافظة الجوف فإن ألغام الحوثيين وعبواتهم الناسفة تسببت منذ العام 2016 وحتى نهاية 2019 إلى مقتل وإصابة 575 مدنيا معظمهم نساء وأطفال، تتوزع تلك الأرقام بواقع 190 قتيل، ونحو 385 إصابة.
ومنذ مطلع العام الجاري، يؤكد التقرير أن الألغام الحوثية وعبواتها الناسفة في الجوف تسببت بسقوط 47 قتيلا ومصابا، حيث قتل 10 أشخاص بينهم 4 أطفال، فيما أصيب 37 شخصا، منهم 29 رجلا، و8 نساء، و3 أطفال.
وقد أكد مشروع رصد الأثر المدني، وهو مصدر بيانات إنسانية، أن الألغام الحوثية الأرضية المزروعة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق قتلت 140 مدنيا من بينهم 19 طفلا، في محافظتي الحديدة وتعز منذ 2018.
وبذلك حولت الألغام المبثوثة بطريقة هستيرية في اليمن المنكوب بجائحتها الشرسة، هذا البلد إلى فضاء مسكون بالهواجس والمخاوف تطغى عليه رائحة الموت التي تهدد آلاف بل ملايين الناس دون رحمة أو استثناء، وهو واقع يجعل من جهود فرق مسام لنزع الألغام في اليمن حيوية للغاية وبل ضرورة حتمية لكي تستعيد عجلة الحياة في هذا البلد دورنها، وتتنفس الحياة فيها مجددا نسائم الأمن والأمل.