أزيل العديد منها لكن يضطر الآلاف من الأشخاص في العالم للعيش وهم يحملون طيلة أعمارهم آثارها المدمرة. معاناة لا تخفى عن الأنظار خاصة في اليمن اليوم.. في الشارع كما في مراكز تقويم الأعضاء أو إعادة تأهيل مبتوري الأطراف يظهر تأثيرها العميق على الناس.. إنها الألغام التي ما فتئت تعبث بالأجساد كما الأرواح والأملاك.
يعاني العالم من وجود 110 مليون لغم زرعت في مناطق متفرقة، 40 بالمائة منها في دول عربية. واليمن يعد اليوم البؤرة النشطة والأشد خطورة بسبب علب الموت القاتلة.
فوفق تقارير منظمات دولية، تصدر اليمن قائمة الدول التي سجلت أكثر حوادث انفجار للألغام عالميا في عام 2018.
فمنذ 2015، زرعت الميليشيات ألغاما في محافظات عدة، أبرزها الجوف ومأرب شمالا وتعز وعدن جنوبا ومنطقة الساحل الغربي الممتدة من باب المندب إلى مدينة الحديدة إضافة إلى الجبهة الشمالية الغربية في محافظة حجة.
حجم تلك الكارثة في اليمن بالأرقام أحصاه عدد من البرامج الخاصة بنزع وتفكيك الألغام أبرزها مشروع مسام السعودي لنزع الألغام بالشراكة مع البرنامج الوطني لنزع الألغام في اليمن.
ومن بين الأرقام التي كشفتها التقارير، وجود قرابة مليوني لغم زرعتها الميليشيات في مناطق متفرقة، تنوعت في أحجامها وأماكن طمرها برية كانت أم بحرية وسبل تمويهها.
وقد تمكن مشروع مسام عبر فرقه من نزع 268334 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وفقا لأحدث الإحصاء، وقد واجه هذا المشروع الإنساني تحديات ميدانية عدة في عملها النبيل في اليمن، ولعل على رأسها غياب خرائط تحدد أماكن زرع هذه الألغام التي نثرت في اليمن من قبل الميليشيات بطريقة هستيرية، كما أن خطر الألغام الحوثية لا يقتصر على انعدام خرائط واضحة لنهج الميليشيات في زراعتها بل في الطريقة التي يعتمدها الحوثيون في توزيعها بطرق عشوائية، امتدت لمناطق مدنية.
كما تفننت الميليشيات في طرق تحوير هذه الألغام وتمويهها لإلحاق أكبر عدد من الخسائر البشرية، فمنها التي تعمل عن بعد وأخرى مموهة بلون الصخور والطبيعة. وبذلك تسجل الميليشيات يوميا صفحة جديدة في سجل جرائمها السوداء الدموية.
لذلك كان الهدف الأساسي الذي يرمي إليه مشروع مسام من خلال عمليات إزالة الألغام مركزا على حماية أرواح المنكوبين وتخفيف محنتهم والحيلولة دون فتك الألغام بهم وخنق واقعهم وأسر مستقبلهم في سجن الآلام الموهوس بالموت.
وفعلا حقق المشروع السعودي مسام إنجازات نوعية في إطار مهمته النبيلة لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، استعاد بفضلها عدد من اليمنيين منازلهم ومزارعهم وشوارعهم.
فالمملكة العربية السعودية أعادت الروح لليمن بإرسائها لمشروع مسام الذي أخرج الأمل من قلب الألم، وفتح الأبواب واسعا للحياة في المناطق التي وصلها مدده إليها، ومازال ماضيا بوفاء وعطاء في رسالته الإنسانية في اليمن.