في وجوه اليمنيين سدت أبواب الأمل في وطنهم واستقر بهم الحال في غائلة الجوع والفقر والمرض والتشرد والموت الذي يستولي على الأرواح ويلوعهم في كل مكان بسبب الألغام التي نثرتها الميليشيات في كل موطئ قدم.
فالألغام الأرضية التي زرعتها أيادي الغدر تهدد مستقبل اليمن. أكثر من مليون ونصف لغم أرضي وزعتها الميليشيات على المناطق اليمنية، بلا خرائط تحدد أماكن انتشارها، حيث وسعت الميليشيات من رقعة المساحات المزروعة بالألغام بمختلف أنواعها، المضادة للدروع والأفراد.
ألغام استوطنت الطرق وتحت الرمال في المناطق الصحراوية، وداخل المباني المهجورة وفي بيوت المدنيين والمدارس و آبار المياه غيرها.. هذه الألغام موجودة أيضا على طول مناطق الساحل وعلى الحدود مع المملكة العربية السعودية وحول المدن الرئيسية في صنعاء وتعز والحديدة وعلى طول طرق النقل المرتبطة بالمدن، شلت هذا الوطن وأنهكت أهله.
ومنذ 2014، تسببت الألغام الأرضية العشوائية التي طمرها الميليشيات في مقتل الآلاف من المدنيين فضلا عن الإصابات التي وصفها الجراحون بأنها الأصعب على الإطلاق.
هذه الكميات الكبيرة من الألغام المزروعة تبين النهج الدموي لتلك الميليشيات فهي لا تفتأ تطمر علب غدرها في كل شبر من الأراضي اليمنية مخلفة إرثا داميا من المتفجرات والألغام المطمور في المنازل والشوارع وداخل أغراض لا تثير الريبة مثل ألعاب الأطفال والأجهزة المنزلية بهدف التمويه، وإراقة أكبر قدر من الدماء.
فمن يداوي أحزان اليمنيين وأوجاعهم؟ ومن يعوضهم أحلامهم المفقودة وقد سرق حلمهم في حياة آمنة بعد أن نال منهم طوفان الألغام؟.
إنه مشروع مسام لنزع الألغام، وهو مشروع الأمل في اليمن وطوق نجاة أبناء هذا البلد من جائحة الألغام، إنه المشروع البلسم ، الذي تمكنت فرقه منذ 2018 وإلى غاية 27 أغسطس من إزالة 271275 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة علاوة على تطهير 25.918.957 مترا مربعا من الأراضي اليمنية.
فالعراقيل التي وضعتها الميليشيات المارقة عن القوانين السماوية والوضعية، لم تمثلا حائلا أمام إرادة فرق مسام التي تسعى إلى التطبيع مع الحياة والقطع مع سياسة الموت الملغوم، لذلك وضعت هذه الفرق نصب عينها شعار “حياة بلا ألغام” هدفها الذي قدمت من أجله والذي قدّمت أجسادها وأرواحها قربانا له.
هذه التضحية يصعب الإقدام عليها إلا من قبل صدور رجال تحتوي قلوبا تبض بحب العطاء والتفاني في التضحية وتقدر الجوانب الإنسانية إلى أبعد الحدود.