لا يقتصر تأثير الألغام في اليمن على إنهاء حياة الضحية سواء بالموت او الإعاقة بل ان تأثيرها يشمل الأسرة بكل أفرادها، إذ تصاب غالبية الأسر التي فقدت معيلها بسبب الألغام بالشلل والعجز، ويعيش أطفالهم الشتات ومشقة البقاء في بلد تعصف المجاعة بملايين الأسر.
أحمد سيف مهيوب خرج من بيته لزيارة والدية في قرية عكاد بمديرية جبل حبشي، لكن لغماً حوثياً اعترض طريقه وسلبه كلتا قدميه وحكم عليه بأن يعيش بقية حياته بالإعاقة الدائمة.
يقول أحمد لمكتب مسام الإعلامي: كنت ذاهب لزيارة أهلي كوني لم التق بهم منذ مدة طويلة، وأثناء سيري في طريق جبلية، انفجر بي لغم، ولم أشعر بألم في حينها، وكل ما أتذكره هو دخان يتصاعد من حولي، والدماء تذرف من أرجلي، ليهرع الناس إلي ويتم إسعافي إلى المستشفى.
يواصل مهيوب حديثه بحرقة وألم قائلاً: لدي أسرة أعيلها، وأطفال يحلقون في وجهي، منتظرين مني الكثير لأقدمه لهم، لكن اللغم أخذ كل شيء مني، أخذ أرجلي، وآخذ قوت أطفالي، فأنا كنت أعمل في البناء، والنجارة، والحدادة، وأعيل أسرتي، لكن الآن أصبحت غير قادر على فعل شيء فكل هذه المهن بحاجة إلى جسم مكتمل، وأنا أصبحت مبتور الأطراف، ولا أقدر على العمل.
وبضحكة تخفي خلفها الكثير من الوجع، والألم يقول مهيوب: نحن في جبل حبشي لم يصلنا شيء من الدولة، لا طرقات ولا أي مشاريع أخرى، حتى أتت ميليشيات الحوثي وجلبت لنا كل وسائل الدمار والموت، من الألغام، والعبوات الناسفة والقذائف، وقتلت الأطفال والنساء، ودمرت ممتلكات المواطنين من خزانات مياه وحقول زراعية وعطلت الحياة في أغلب القرى بالمديرية.
ويضيف مهيوب أن زراعة الألغام جريمة إنسانية، تستهدف المواطنين الأبرياء بالدرجة الأولى، لأنه لا يوجد أي هدف لزراعة الألغام في بيوت المواطنين، ومزارعهم، ومصادر رزقهم، غير استهداف المدنيين وتهجيرهم، متسائلا إذا لم يكن هدف الميليشيات ذلك فما الذي يجعلهم يستمرون بزراعة الألغام منازل المدنيين ومصادر رزقهم بهذه العشوائية والكثافة، غير أنهم أصبحوا دمويين مجردين من كل معاني الإنسانية.
يؤكد مهيوب أن المواطن اليمني لم يعد لديه أحلام أو أمنيات، فكل أحلامه اختزلت بأن يكتمل يومه وهو علي قيد الحياة، بسبب الحرب التي تشنها المليشيات على اليمنيين والتي طال أذاها كل قرى ومناطق اليمن.
وعن دور مشروع مسام يرى مهيوب أن عمل فرق مسام في اليمن هو إنساني بحت، وأن إنجازاتهم تتحدث عن مشروع ناجح، يقدم كل ما بوسعة لضمان سلامة المواطنين، ولم يدخر جهداً في سبيل إعادة الحياة للمناطق التي يصلون إليها، لذا يتمنى استمرار هذا المشروع، إلى أن ينتزع آخر لغم من القرى اليمنية وأن يكثف عمله في مديريات تعز.