الأخبار

تسبب الانقلاب على الشرعية في اليمن في أكبر أزمة إنسانية في العالم قد تكون استمعت إلى هذه الجملة عديد المرات لكن هل فهمت ما تحمله هذه الجملة بين طياتها من وجع؟ ستفهمه عندما ترى آلاف العائلات مشردة دون مأوى في العراء، وعندما ترى أيضا الأمهات يجلبن الماء من برك معبأة بمياه الأمطار في عبوات بلاستيكية مستخدمة في الأصل للزيوت.. هذه المياه التي تفتقد إلى المعايير الصحية مما ينجم عنه عديد الأوبئة كالكوليرا.. ستفهمه أيضا عندما تشاهد المعاناة اليومية لتوفير الغذاء الذي غالبا ما يكون عبارة عن رغيف أو أوراق نباتات.. حتى صار أبناء اليمن جائعين.
في اليمن انهارت كذلك البنية التحتية وتراكمت أكوام القمامة في الشوارع وتعطلت خدمة الإمداد بالمياه أما المستشفيات علاوة على معاناتها من نقص الأدوية والمعدات فإنها تعاني أيضا من دمار هائل.
وفي محاولة لحلحلة الوضع عقدت عدة جلسات للتفاوض لكن جماعة الحوثي أثبتت في كل مرة أنه فصيل لا يحب أن يعامل كجبهة سياسية وهو ما يؤكد أن هذه الفئة المارقة ليست سوى جماعة إرهابية لا تؤمن بالخيارات السلمية ولا تفقه بمنظومة العمل السياسي والإنساني، إذ تواصل تمردها على الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام في اليمن كما هو الحال مع اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة الذي تنص أول بنوده على وقف زرع الألغام لكن العكس هو ما حصل حيث تجري عمليات مكثفة لزراعة الألغام من قبل الحوثيين في المحافظة وطمرها حتى داخل مطاحن البحر الأحمر التي هي عبارة عن مستودعات قمح للشعب اليمني.
الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل يواصل هؤلاء المتمردون استخدام الألغام بشكل كبير في كل مكان حيث تقبع تحت رمال الصحراء ووسط الركام والأنقاض وداخل المدارس والجامعات والمنازل.. لكن أماكن هذه الألغام مازالت مجهولة المواقع وسوف تظل تمثل تهديدا على حياة اليمنيين رغم جهود فرق مسام التي تمكنت من نزع ما يزيد عن 71 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة، وجهود الفرق الهندسية التابعة للجيش اليمني التي تمكنت مؤخرا من نزع عدد كبير من الألغام والعبوات الناسفة بمختلف أشكالها في مديرية البقع بمحافظة صعدة.
وقد قال لواء التوحيد العميد عبد الرحمان اللوم في تصريح له أن ميليشيات الحوثي تقوم بتلغيم وتفخيخ المناطق التي تسقط بيد الجيش اليمني وأن واجب اللواء لا يتمثل في تحرير الأراضي من يد الحوثيين فقط بل والعمل على تطهيرها لعودة الحياة إليها.
ويجدر الذكر أن زراعة الموت هذه تسببت خلال العام الماضي في مقتل 615 مدنيا بينهم 110 أطفال و26 امرأة علاوة على إصابة 924 شخصا، بينهم 168 طفلا.
وبهدف تضييق الخناق أكثر على الشعب اليمني قامت ميليشيات الحوثي بتحويل أحد أكبر وأخطر معسكرات البيضاء التابعة لهم إلى نقطة جديدة للجمارك مما تسبب في حالة خوف وهلع شديدين لدى المواطنين والتجار والمسافرين على حد السواء نظرا لخطورة الموقع وعدم صلاحيته لأي تواجد مدني لوجود ترسانة عسكرية كبيرة والآلاف من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والذخائر المرمية هنا وهناك وهو ما يبين جرم هذه الجماعة بحياة اليمنيين الذين يجبرون على الدخول بقوة السلاح.
وبهذه الطريقة يتم رفع أسعار المواد الغذائية بشكل لا يستطيع المواطن تسديد ثمنها نظرا لأن صاحب البضاعة يقوم بإضافة تكاليف البضائع التي ينهبها الحوثيون على سعر المنتج وهو ما يطلق الحصار على المدنيين الذين باتوا ملاحقين حتى في لقمة عيشهم.
إن هذه الجماعة الانقلابية دأبت على تعريض حياة اليمنيين للخطر من خلال ما ترتكبه من جرائم بيد أن هناك جهود رامية لصد الإرهاب الحوثي تتقدمها مجهودات مشروع مسام الذي يعمل بشكل يومي على نزع وإزالة الألغام مما جعله هدفا لبعض الجماعات الإرهابية التي وجهت تهديدات للعاملين به وعلى رأسهم المدير العام للمشروع الذي أكد أنه تم اتخاذ جميع التدابير لحماية العاملين مشيرا أن جميع أفراد الحراسات الخاصة بمشروع مسام ومواكب الفرق في مأرب وما حولها هم من أبناء قبائل مأرب الذين لا يمكن أن يسمحوا بأن يتعرض أي شخص لمكروه طالما كان تحت حمايتها في حركة دالة على تعاملها الراقي واعترافها بجميل هذه الفرق التي تضع حياة أفرادها على المحك في سبيل القيام بواجبها الإنساني.
اليمنيون في كرب عظيم ليس بسبب الانقلاب فحسب بل بسبب سياسة الأرض المحروقة التي تتبعها هذه الميليشيات.. فأيا ما تكون أهداف هذه الجماعة الضالة فلا مبرر لوفاة طفل جوعا ولا لتدمير مستشفى ولا لتقطيع إمدادات المياه.