الألغام.. محنات إنسانية بالجملة
الأخبار
أينما تدب الحياة في اليمن للألغام رهان لزرع الموت وبذر العجز ونثر اليأس والخوف. مطامح دموية جعلت هذه الألغام لا تتوانى عن التواجد في أي مكان فقط، وبل وشجعها على المثابرة في استنباط أماكن تواجد “جهنمية” تكرس فلسفتها في القضاء على الآخر.
من أهداف مليشيا الحوثي زراعة الألغام في السهل والجبل، الوادي، والصحراء، السوق، والطريق، البر، والبحر.. يحدث هذا بطريقة عشوائية وأهداف مركزة بالنسبة لآلة الموت الحوثية هو اليمني الأرض الإنسان.
حكايات من الوجع لا تنتهي، وإعاقات متنوعة تلازم الضحايا طيلة أعمارهم، ليس سهلا أن يتحول الإنسان من معيل لأسر كثيرة إلى باحث عمن يعوله، من أب مقتدر يحرص على اكتفاء أولاده بتحقيق مطالبهم، واحتياجاتهم إلى شخص يتوارى خلف تناهيد، وأحزان طافحة، واضحة على ملامحه، وقبل هذا كله يجد الضحية نفسه ثقيلة منكسرة يداريها بالصبر.
رشاد أحمد عوض، وطيار سليمان نماذج بسيطة من بين آلاف الضحايا الذي أصبحوا بفعل ألغام الحوثيين معاقين، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول رشاد أحمد عوض في لقاء بمكتب مسام الإعلامي “اختار الحوثيون أماكن زراعة الألغام بحقد، وخبث كبير، فقد تعمدوا زراعتها في كل مكان، إذ يصعب على المواطن أن يتوقع أن هذه المنطقة أو تلك مزروعة بالألغام، لأنها لا تمثل أي أهمية عسكرية لهم، وهذا يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الحوثيين أرادوا من زراعة الألغام قتل السكان المحليين، والانتقام منهم، وإجبارهم على الرحيل ليعيشوا بقية حياتهم في حالة نزوح وتشرد”.
رشاد.. مواطن من أبناء مدينة المخا يعمل في مجال نقل مواد البناء، في الصباح كعادته خرج من بيته، بحثا عن مصدر رزقه، وقوت أطفاله ليجد نفسه في حقل للألغام مزروع في طريق فرعي بمحيط المدينة انفجر به لغم ما تسبب في بتر إحدى ساقيه، وإصابة الأخرى بعدة كسور ليعيش بقية حياته مقعد على سريره.
ألغام الحوثي عدوة للحياة، وسلاح جبان زرعته أيادي الشيطان للفتك بأرواح الفلاحين، والصيادين وعابري السبيل، وكل ما يدب على الأرض بشرا كان أو حيوانا.
وهذا ما يؤكده طيار سليمان، الذي أصبح هو الآخر معاق حركيا بسبب لغم أرضي زرعته مليشيا الحوثي على قارعة الطريق في، وادي الملك بمنطقة الرويس بمديرية المخا.
ويقول سليمان “أنا مزارع بسيط اعتمد على نفسي، وأعمل في مزرعتي، وأعيش مع أسرتي مستور الحال، حتى دخل الحوثيون بلادنا فهجرونا من قرانا، وعانينا لأكثر من عام مشقة النزوح، والتشرد، ولم يكتف الحوثيون بذلك بل نصبوا لنا آلاف الألغام في منازلنا، ومزارعنا لقتلنا وإعاقتنا”.
هذه هي الألغام في اليمن، تعمن في استهداف الأبرياء العزل وتقلب حياة الى جحيم متأرجح بين الموت والعجز، بين الهلاك والإعاقات المتعددة ممتدة الأثر.