الأخبار

يظن بعض المدنيين النازحين أن مأساتهم انتهت بمجرد دحر الميليشيات الحوثية من قراهم أو مدنهم، لا يعلمون أن هذه الجماعة تركت لهم مفاجأة من العيار الثقيل فهي لا تبرح أي مكان إلا بعد أن تنشب فيه مخالبها القذرة لتدميه.
نعم هم لا يعلمون إن بعد الظن إثم، إلا بعد عودتهم إلى منازلهم لتنقض عليهم الألغام كوحش كاسر، هذا تماما ما حدث مع إحدى العائلات إثر رجوعها إلى منزلها في قرية بمحافظة تعز بعد أشهر من النزوح والتشرد نتيجة القتال الدائر بين القوات الحكومية والمتمردين ليباغت لغم طفلهم عبدالله البالغ من العمر 7 سنوات فقط ويجبره على ملازمة كرسي متحرك.
هكذا هو الوضع في اليمن، وهذا هو مصير الطفولة هناك حيث يواجه اليمنيون إضافة إلى الجوع والمرض والقنابل التي أنهكتهم خطرا متزايدا يتمثل في الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها هؤلاء الإرهابيين.
وجاء في تقرير لمعهد واشنطن، أن الألغام الأرضية موجودة في اليمن منذ عقود بسبب نزاعات مختلفة إلا أن المتمردين الحوثيين يقومون باستخدامها حاليا بمعدل عال يسبب الذهول مضيفا أنه من الصعب للغاية التحقق من الأعداد الدقيقة للألغام.
فقد أكرمت هذه الجماعة اليمن السعيد بأعداد مهولة من الألغام لتجعله يمنا بائسا حزينا على ما يعانيه أبناءه من فقر ومرض وموت عدا عن المصابين الذين ستلاحقهم إعاقة دائمة إضافة إلى الأضرار النفسية والاجتماعية.
وقد أفاد تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية أن الحوثيين لا يزرعون هذه الألغام لأهداف دفاعية أو حتى هجومية بل من أجل ترهيب وتخويف السكان في كل اليمن، مضيفا أن الألغام التي طمرها الحوثيون تشكل خطرا مستداما، إذ تنتشر في معظم المناطق اليمنية لكنها غير مكتشفة.
ومع سقوط المدنيين بين قتيل وجريح بسبب الألغام الأرضية أصبحت الحاجة ملحة لبذل مزيد من الجهود إذ أن المشكلة الآن باتت جلية وتحتاج لاستجابة عاجلة، الأمر الذي جعل المشرفين على مشروع مسام يزودون فرقهم الهندسية بأحدث الأجهزة والمعدات لتسهيل عملهم وللإسراع في رفع المعاناة عن اليمنيين وكان آخرها جهاز كشف الألغام العميقة أبينجر large loop الذي يعد من أحدث الأجهزة المستخدمة عالميا في كشف الألغام المدفونة على عمق متر.
ويعمل هذا الجهاز على كشف الألغام المدفونة بالكثبان الرملية في المناطق الصحراوية مما سيساهم في زيادة فعالية الفرق الهندسية في عمليات المسح والنزع. وكان قائد فريق المسح الميداني الرائد حسين العقيلي قد عبر عن ارتياحه في ظل توفر الجهاز الجديد آملا في تحقيق نتائج سريعة واختصار الوقت في إنجاز العمل بشكل أكبر وأفضل.
وبالفعل، فقد غير هذا الجهاز المعطيات على الأرض ووسع أبواب الأمل للفرق الميدانية لإنقاذ حياة الأبرياء حيث تمكن فريق المسح التابع للمشروع من تحديد مكان ألغام كان قد دفنها مالك أرض بمعية أبنائه في حفرة عميقة خوفا على أبناء قريته لكن بمرور الزمن نسي مكانها.
إن الحوثي يقتل المدنيين ويتسببون في تشويههم بالألغام الأرضية. وما الألغام المضادة للأفراد إلا سلاح عشوائي يجب عدم استخدامه تحت أي ظرف.
ثمة عدد من الاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدام الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار وهذه الصكوك جزء من القانون الدولي الإنساني الذي يهدف إلى الحد من آثار النزاع على المدنيين، لكن الحوثيين ضربوا بجميعها عرض الحائط ومضوا في تطبيق مشروعهم الانتقامي دون إيلاء أهمية للأضرار والخروقات التي يرتكبونها في حق الإنسان اليمني حيث جردوه من أبسط حقوقه وهو الحق في الحياة.