الأخبار

لطالما سلطت تقارير حقوقية دولية الضوء على جزء من الجحيم الذي يعاني منه الشعب اليمني بسبب ما ترتكبه الميليشيات الحوثية من انتهاكات وفظاعات في سبيل إحكام قبضتها على بلد وشعب رافض لوجودها ويحاول بشتى الطرق لفظها بعيدا عن حدوده.
فعلى مر السنين كان أبناء هذا الشعب بعيدين كل البعد عن صوت المهاترات السياسية، لكن هذه الميليشيات جاءت حاملة حرب ظلام إلى اليمنيين استعملت خلالها مختلف الأساليب القذرة انتقاما من المواطنين أولا ولوقف تقدم قوات الجيش المدعوم من التحالف العربي ثانيا.
وقد كانت الألغام إحدى الوسائل التي تستخدمها الميليشيات لإخضاع الشعب اليمني لسيطرتها. أسلوب لازم المتمردين منذ انطلاق حربهم العبثية في البلاد، فكانوا ينشرونها بسخاء في كل منطقة تطؤها أقدامهم مما أدى إلى قتل وإعاقة آلاف اليمنيين ومازالت تهدد حياة الملايين منهم، خاصة مع استمرار مسلسل زرعهم للألغام والعبوات الناسفة على نحو مطرد. إذ تركت ميليشيا الحوثي مسارا مليئا بالألغام الأرضية خلال دحرهم من المحافظات والمناطق التي تم تحريرها غير أنهم زرعوا المزيد منها في أنحاء متفرقة من المناطق الخاضعة لسيطرتهم حاليا.
هذا السلاح يمثل تهديدا خطيرا نظرا لإزهاقه أرواح آلاف الأبرياء علاوة على بتر أطراف آخرين. وكان الأطفال من بين ضحايا قوالب الغدر، إذ ذكر تقرير دولي أن الألغام والمتفجرات الحوثية قتلت 149 طفلا وأصابت 579 آخرين بإعاقات مزمنة في عديد المحافظات اليمنية تصدرتها محافظة تعز بـ109 تلتها الحديدة بـ90 حالة ثم صعدة بـ83، فالبيضاء 59 حالة ولحج بـ58 طفل ما بين قتيل وجريح.
وكان التقرير قد استدل بحوادث عدة لعل أهمها ما حدث سنة 2017 في محافظة الحديدة حيث قضت 4 فتيات نحبهن فيما أصيب 4 فتيان وخمس فتيات تتراوح أعمارهم بين 2 و17 عاما حين داست سيارة كان على متنها ثلاث عائلات فوق لغم أرضي.
أما في 17 يونيو 2018 وفي الحديدة، فقد سجلت وفاة أب وأبنائه الثلاثة فيما أصيبت الإبنة الرابعة البالغة من العمر 15 عاما عندما مرت الدراجة النارية التي كانوا على متنها فوق لغم أرضي أثناء فرارهم من منطقتهم التي تأثرت بتبادل إطلاق النار.
كما أوضح التقرير الذي يرصد أثر الإنقلاب على الأطفال في اليمن أن الألغام وذخائر الميليشيات الحوثية غير المنفجرة كانت السبب الرئيسي الثالث لقتل وإصابة الأطفال اليمنيين.
يبدو أن الألغام تسببت بخسائر بشرية أكبر من خسائر الإشتباكات نظرا لأنها مدفونة عشوائيا وهو ما يجعل حصر عدد من فقدوا حياتهم بسببها صعب، إضافة إلى كونها تمثل العامل أساسي في منع المواطنين من ممارسة أعمال الزراعة والرعي رغم ما تبذله فرق نزع الألغام من جهود كبرى لتخليص اليمن من لعنة هذه الآفة.
وكان الفريق الأول لمشروع مسام قد نفذ في مديرية صرواح بمحافظة مأرب عملية إتلاف وتفجير لعشرات الألغام والقذائف غير المنفجرة بعد أن تم نزعها من منطقة تباب المصارية خلال الشهر الماضي.
وتأتي عملية الإتلاف التي تم تنفيذها إستجابة لتوجيهات مدير عام المشروع السيد أسامة القصيبي الناصة على عدم تخزين ونقل الألغام ومخلفات الحرب والعمل على إتلافها بشكل مستمر حتى لا يتمكن أي طرف من إعادة أستخدامها.
وقد حضر هذه العملية فريق الخبراء الأجانب التابع للمشروع على رأسهم نائب مدير عام المشروع السيد “ديون” ومدير العمليات السيد “رتيف”. ويذكر أن فرق المشروع تمكنت من إزالة قرابة 75 ألف لغم منذ انطلاق المشروع.
لقد استطاعت الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام والجيش اليمني نزع آلاف الألغام من مواقع مختلفة من اليمن مكنت عبرها السكان والمزارعين من العودة إلى منازلهم ومزارعهم وممارسة حياتهم الإعتيادية لكن سيبقى الضرر قائما نتيجة وجود عدد هائل من الألغام المموهة قابعة على التراب اليمني تتصيد فريستها بخبث ودهاء.