الأخبار
عندما هبت رياح الربيع العربي على الوطن العربي عام 2011، خرج عدد كبير من الشعب اليمني في احتجاجات سلمية كي يطالب بدوره بحقوقه في العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية والإصلاحات السياسية، في توق إلى بناء دولة مدنية تحفظ كرامة شعبها. لكنه لم يكن على علم بوجود ثعابين رابضة في مكمنها تتربص به لتنفث سم حقدها فيه، حيث تورطت الميليشيات الحوثية في مستنقع زلق فلا نصرا حصدوا ولا مكاسب سياسية جمعوا. فيوما بعد يوم تزداد فاتورة الانقلاب التي يرى أهل اليمن أن ليس لها من دون الله كاشف.
فميليشيات الحوثي أطنبت وتفننت في بث الموت والخراب في ربوع اليمن دون هوادة ودون هدف سوى بلوغ الحكم. ولطالما كانت للألغام اليد العليا في ذلك.
فوفقا لتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، المتتابعة منذ 2015، فإن جماعة الحوثي استخدمت الألغام المضادة للأفراد والمحرمة دوليا. إذ قامت القوات الحوثية بزراعة الآلاف من الألغام الأرضية بما فيها الألغام المحظورة المضادة للأفراد في العديد من أقاليم اليمن الجنوبية والشرقية والتي من بينها: أبين، عدن، مأرب، لحج وتعز التي تغص أراضيهم بهذه العلب المميتة.
لقد أضحت الألغام الأرضية كابوسا مخيفا لليمنيين بسبب عواقبها الوخيمة على البشر والحجر حيث يبقى أثرها باديا للعيان حتى بعد فترة انتهاء أي صراع. فاللغم بما يحدثه من قتل وبتر وتشويه أطراف يكلف حوالي ثلاثة دولارات بينما يكلف انتزاعه حوالي 300 دولار.
وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام التي على أرض الواقع سواء المتعلقة بعدد الألغام أو بعدد الضحايا أعلى بكثير من الصادرة في التقارير.
فكثيرة هي القصص المحزنة التي لم نسمع بها أو لم نعلم بضحاياها الناجمة عن الألغام. فالمآسي مستمرة في اليمن لا تنقطع، فخبر وفاة طفل إثر انفجار لغم أو تحول جسم بشري إلى أشلاء ليسا سوى مثال لأخبار الموت القادمة من ذلك البلد.
إن هذه الكمية المهولة ستشكل خطرا مستداما على حياة المدنيين. إذ تتعمد ميليشيا الحوثي زراعة الألغام المحرمة دوليا بشكل عشوائي وكثيف في المناطق التي تم طردها منها حتى في المنازل والطرق والمرافق العامة. فيوميا تتضاعف خسائر المدنيين إذ يدفعون فاتورة باهظة من أجسادهم وأرواحهم وفلذات أكبادهم وقوتهم… خاصة بعد أن لغم هؤلاء المتمردون البر وكذلك البحر ليطبقوا الخناق على اليمنيين.
وسط هذه النار المستعرة في جوف الأرض والتي تنتظر ضحيتها بهدوء لتنهش لحمها، يعمل خبراء مسام بشكل يومي على إطفاء هذا الحريق الذي أزعج الأرض اليمنية وأثار سخطها. لذلك تنتشر فرق مشروع مسام لتأمين حياة الناس من خلال إزالة الألغام.
ورغم ما يصاحب نزع الألغام من مخاطر، يواصل عاملو المشروع عملهم الإنساني بكل ثبات. وقد نفذ مؤخرا الفريقان 11 و14 مسام في محافظة مأرب عملية تفجير وإتلاف لـ18794 قذيفة غير منفجرة وذخائر متنوعة و50 لغما مضاد للدروع. فيما نفذ فريق جمع القذائف بمديرية ذباب بالساحل الغربي عملية أخرى لـ170 لغما مضادا للدروع و140 قذيفة غير منفجرة و381 فيوز وكبسولة إضافة إلى لغمين مضادين للأفراد وقنبلة يدوية وصاروخ مفخخ.
بالتالي يكون المشروع قد نفذ منذ بداية عمله وحتى اليوم 88 عملية إتلاف وتفجير منها 37 عملية في قطاع الساحل الغربي و21 عملية في محافظة مأرب فيما تمت البقية في محافظات شبوة والجوف وصعدة.
مازال مشروع مسام مستمر في نحت مسيرته الإنسانية لتأمين الأرض والإنسان من خطر الألغام والمتفجرات التي تبدع ميليشيات القتل في صناعتها وتمويهها لمزيد إراقة الدماء وتدمير الأرض. فماذا تخبئ الأيام المقبلة في جعبتها لليمن؟.