الأخبار
بحت الحناجر وجفت الأقلام وكثرت في المواقع الإلكترونية المعنية بمصاب اليمن جراء الألغام بصور وقصص وأعداد الضحايا ورسمت الرسوم التوضيحية بلغة الأرقام الواقع القاتم في اليمن بوضوح، وأكدت أن المصاب جلل والهبة الأممية هي من ستسهم في إسراع هذه الصفحة الدموية المهولة من تاريخ اليمن. لكن العالم حافظ على الصت وأمعن في تجاهل جراح اليمن النازفة.
مختصو نزع الألغام على الأرض في اليمن يخمنون أن تلك الربوع تضم اليوم مليون لغم حسب تقديرهم الشخصي لكن الرقم الصحيح يبقى رهين إتمام مهمة هذه الفرق المعنية بنزع الألغام كفريق مسام، خاصة وأن هناك جهود أخرى تبذل في نفس المضمار من قبل الشرعية والجيش اليمني اللذان يقومان بنزع ألغام في عدة مناطق، وكذلك قوات التحالف.
الواقع في اليمن اليوم مريب وغير مسبوق، فالألغام كمفهوم دولي تحتكم في الأصل إلى مواثيق وأعراف لكيفية زراعتها ويجب أن توثق عبر خرائط وتحدد مناطقها بعلامات تحذيرية، هذا فيما يخص الألغام المضادة للآليات، أما الألغام المضادة للأفراد فهي محرمة دوليا في كل قوانين العالم، واليمن من الدول التي وقعت على اتفاقية حظر استخدام الألغام الفردية، لكنها للأسف موجودة وبكثرة اليوم فيها، وما حدث في اليمن حاليا، هو أمر لم يسبق أن حدث في دول أخرى، فلغم الآليات يحتاج إلى وزن 100 كيلو غرام وما فوق لينفجر، لكن الحوثيين حولوا هذه الألغام عن طريق دواسات كهربائية ليصبح الضغط عليها من 10 كيلو غرامات سبيلا لها للانفجار، أي وقع تحويل اللغم من مضاد للآليات إلى مضاد للأفراد، وهذا ما يسمى جريمة حرب ولا يوجد تعريف آخر لها، فالقصد هو قتل الشعب اليمني بشكل متعمد.
أما المشكلة الأخرى، فتتمثل في زرع الميليشيات الحوثية هذه الألغام بشكل عشوائي في المدن، الطرق، البيوت، المساجد، والمدارس، وهو ما يعني أن الغرض من هذه الألغام ليس عسكريا، وأصبحت العملية إرهابا.
وقد تم العثور على أنواع كثيرة منها، فهناك ألغام كانت موجودة في مستودعات الجيش اليمني منها ألغام روسية أو من أوروبا الشرقية، ولكن هناك وبكثرة ألغام مستوردة من إيران، كما أن هناك ألغاما تصنع محليا وهذه متوفرة بسخاء.
وقد مثل انتشار الألغام، كالنار في الهشيم قادحا لسقوط عديد الضحايا، ولا تعكس الأرقام المعلنة ما يجرى في اليمن اليوم لأن هناك إحصائيتان، واحدة معلنة وأخرى غير معلنة، فالبرنامج الوطني يوثق الحالات التي تمت إصابتها بالألغام من ضحايا وإصابات مثل بتر الأطراف وغيرها، وهذه الحالات هي التي يعلن عنها، ولكن حتى الآن لم يأت دور توثيق الحالات الأخرى، ويبدو أن غير الموثق أكثر مما تم حصره.
ورغم هذا الواقع المرير تدير الأمم المتحدة ظهرها لملف الألغام في اليمن وقد اعتبر السيد أسامة القصيبي مدير عام مشروع مسام لنزع الألغام أن تعامل الأمم المتحدة مع ملف الألغام مؤسف لقوله “للأسف التعاون مع الأمم المتحدة في مجال نزع الألغام صفر، المشروع سعودي 100%، نحن نتعامل مع الشرعية ولدينا تعاون وشراكة مع البرنامج الوطني لنزع الألغام، تمويل المشروع والإشراف سعوديان، وليس لدينا أي تواصل مع جهات من الأمم المتحدة، ولأكون أكثر صراحة، موضوع الألغام في اليمن مهمل غربيا سواء إعلاميا أو أمميا، ولم يعط اليمن حقه لمشكلة الألغام التي زرعها الحوثيون، هناك تجاهل لهذا الأمر”.