الأخبار
كأن ما حل بالبلاد والعباد من دمار وخراب واستنزاف لخيراتها ومواردها البشرية والبيئية وطمس لجوانب هامة من مدخراتها الثقافية والنيل من اقتصادها، استقرارها، وأمنها بسبب العربدة الحوثية في الربوع اليمنية، لم يكن كافيا ليشفي الغل الذي يعتمر صدور من تآمروا على أمن هذا البلد الشقيق وعلى سلامة وهناء مواطنيه.
فحينما أيقن العدو أن كل ما سببه من فساد في البلاد والعباد مصيره الزوال وأن مخططاته الولائية وأيديولوجيته مجرد زوبعة في فنجان، وأن خارطة طريقه لن تكون إلا قبرا لأحلامه الزائفة، وأن أبرز علامة على بداية نهايته خساراته المتتالية لمناطق نفوذه بسبب الوقفة الحازمة والصامدة للجيش الوطني اليمني مدعوما بقوى التحالف العربي الباسلة بقيادة المملكة العربية السعودية، غير هذا الخصم جلده من عدو لدود إلى شيطان مريد بعد أن حرث الربوع اليمنية ألغاما مختلفة الأنواع والأشكال.
مخطط شيطاني أريد به عقاب الشعب اليمني على صموده، صبره، ووعيه بما يحاك حوله من مؤامرات ورفضه الخنوع لأجندات خارجية تتلاعب بأمن وطنه، وتقحم شعبه في دهاليز هلاك.
وهنا لم يجد الانقلابيون بدا من حشد قوى الشر التي تغذي شراينه المسمومة لضخ أكبر عدد من الألغام لتزرع في بلد لم يسجل مثله بهذا العدد منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن مصاب اليمن واليمنيين الجلل في هذا المضمار لا يتمثل فقط في كم الألغام الجنونية التي زرعت بتراص أفقي وعمودي، متجاورة، منضودة، ومتراكمة على طبقات، وإنما تتجسد أيضا في نوع هذه الألغام وسبل تمويها وتطويرها من مضادة للدبابات إلى مضادة للأفراد وتحويل الصواريخ إلى فخاخ موت وتمويهها على شكل صخور ودسها في الرمال، ونشرها كالفطر على الشريط الساحلي للحيلولة دون وصول الصيادين إلى مصادر رزقهم وإلقائها في البحر لتهديد الملاحة في البحر الأحمر ودسها في ألعاب الأطفال والمعلبات ومزارع الأهالي وبيوتهم وثلاجاتهم وحتى دواليب ملابسهم.
غزارة الألغام وخبث تربصها بحياة اليمنيين، قصة مريرة ترويها ببلاغة تامة، أعداد من هلكوا بسببها ومن يجوبون الشوارع اليمنية اليوم بأطراف اصطناعية وعلى كراس متحركة ومن شوهت أيامهم وأحلامهم تلك الأدوات القذرة للموت الدنيء.