الأخبار
رغم جذور اليمن الضاربة في أعماق التاريخ باعتباره حلقة الوصل بين الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، ورغم أن حضارته أقدم من كل الحضارات الموجودة على وجه الأرض حسب الباحثين، فإن ذلك لم يشفع له ليحافظ على استقراره وأمنه.
فقد تخبط اليمنيون لفترات من الزمن على غير هدى تتقاذفهم الحروب والصراعات ولعل الإنقلاب الحوثي يعتبر الأعنف والأسوأ بما حمله لهم من عذاب وألم ودموية.
إذ لم يعد خفيا على أحد الوضع الذي آل إليه اليمن بعد أن كان يسمى يوما باليمن السعيد، حيث عصف به الإنقلاب الحوثي ورماه إلى المجهول بعد أن قتل ودمر وشرد أبناءه وفخخ أرضهم بألغام متنوعة لا حصر لها الشيء الذي زاد في حجم الكارثة.
فالميليشيات الحوثية فاقمت من معاناة الشعب اليمني، وتسببت بكوارث إنسانية وسرقت حتى أحلامهم البسيطة، وكانت الألغام سلاحها الأهم للفتك بالمواطنين، إذ أدت إلى حدوث مآسي لا حصر لها بين قتل وبتر أطراف، وإعاقة دائمة خاصة وأنها كانت تزرعها بشكل عشوائي في أماكن عيش المدنيين خاصة القرويين الذين فقدوا الأمل في بلوغ موارد رزقهم فحقول الألغام باتت تحصدهم قبل أن يتمكنوا من حصد محاصيلهم.
لقد عمت علب الموت اليمن بشكل عام، ولم تكن محافظة الجوف بمنأى عنها، بل أكرمها المتمردون بكميات هائلة منها حتى صارت من أكثر المحافظات اليمنية احتواء للألغام، وهو ما أكده محافظ محافظة الجوف اللواء أمين العكيمي بقوله إن الألغام تشكل كارثة عظمى للمحافظة إذ لا تخلو منطقة ولا مزرعة ولا طريق إلا وزرع بالعبوات الناسفة والألغام.
ولم تسلم مناطق الرعي بدورها من هذه الآفة، حيث وقع تفخيخها بالكامل مما جعل البدو فريسة سهلة لهذا القاتل الصامت. لقد حول الحوثيون الصحراء إلى حقول ألغام وقد تم قبل 3 سنوات اكتشاف حقل ألغام بلغت مساحته أكثر من 37 كيلومتر، يمتد من منطقة عرق أبو داعر إلى منطقة الهضبة بمديرية خب والشعف وهو ما يبين مدى استهتار هؤلاء المجرمين بحياة اليمنيين.
كما تم العثور مؤخرا على جهاز آيباد مع أحد قتلى الحوثيين يحتوي على خرائط وإحداثيات لحقول ألغام في مديرية خب والشعف تظهر الكمية المخيفة لبذور الموت التي وقعت زراعتها هناك، هذا ما ورد على لسان اللواء العكيمي الذي أثنى على الدور الإنساني الكبير لمشروع مسام الذي يساهم في تأمين حياة اليمنيين من هذه اللعنة التي حلت بهم، فقد استطاعت الفرق الهندسية التابعة للمشروع تأمين العديد من المناطق في محافظة الجوف منها مديرية اليتمة، مديرية الغيل، مناطق صبرين وبير المرازيق.
لكن رغم نزع وإتلاف مايزيد عن 15 ألف لغم وعبوة ناسفة، إلا أن الفرق مازال ينتظرها الكثير من العمل لتتمكن من تطهير كافة الأراضي بمحافظة الجوف لذلك دعا اللواء العكيمي المشروع لإيلاء هذه المحافظة الأولوية وأن يضاعف من عدد الفرق الهندسية لتشمل جميع المناطق المحررة.
فمستقبل محافظة الجوف صار مجهولا ولا ينذر بخير نتيجة الانتشار الكبير للألغام إذ تعمدت ميليشيات الحوثي تفخيخ كل المناطق التي تمس حياة المواطنين بشكل أساسي على غرار المراكز الصحية وحقول النفط والغاز ولم تسلم من أيديهم الآثمة حتى المناطق الأثرية والتاريخية في محاولة لطمس الماضي والحاضر والمستقبل.
سيعاني اليمن كثيرا بسبب الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي لكن بفضل مجهودات الفرق الميدانية لمشروع مسام وعملها الدؤوب سيتمكن من تخطي محنته وسيلفظ من تسبب في تلويث أرضه.